ملتقى الشباب العربي |
|
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:11 pm | |
| في البدايه علي ان ابين ان هذه القصة التي ارويها لكم هي مذكرات الجندي طارق الاعسم اذ وقع في الاسر بايدي القوات الايرانيه في الحرب التي دارت بين العراق وايران لثمان سنوات طارق الاعسم وقع في الاسر في سنة 1982 وتم اطلاق سراحة بتبدادل الاسرى بين البلدين سنة 1990 الان هو كاتب مبدع له من انواع الكتابات في مختلف الميادين ....................... لم نكن نعلم اي شيء عن الطريقة البروتوكولية التي يتم بها تبادل الاسرى فالاسر ليس من التجارب التي من الممكن ان تتكرّر,كنا نتخيّل انهم سيوقفوننا نحن الاسرى العراقيين والاسرى الايرانيين كخطّين متوازيين قرب الحدود وتتم مبادلتنا واحد بواحد او عشرة بعشرة مثلا ولكن ماتمّ على ارض الواقع كان مختلفا اذ اكتفى الجانبان في نقطة سربيل زهاب الحدودية الايرانية المقابلة للمنذرية العراقية بابقائنا بالسيارات وصعد في كل سيارة انضباط عسكري ايراني بدون سلاح وبالجانب المقابل انضباط عسكري عراقي بلا سلاح ثم سارت سيارات الطرفين بشكل متعاكس في الاتجاه ليتم دخول اسرى البلدين الى بلادهم لتتكحل عيونهم به بعد سنوات الاسر العشر المقيتة. طال انتظارنا لثمانية ساعات تقريبا ,وكان الوقت مساءآ حين بدأت السيارات من الطرفين بالتحرّك واشعل السوّاق الانارة الداخليّة للباصات,وكان شغل الاسرى الشاغل ان ينظر كل منهم الى الاسرى الذين سيتم التبادل بهم وحين مرّت باصات الطرفين بجنب بعضها غمرنا كلّنا بلا استثناء حنين جارف اليهم, ولم نشعر مطلقا بانهم كانوا اعداءنا(وهل كانوا كذلك يوما؟؟)وان بيننا دماء ,وزال كل اثر للحقد الذي تثيره اغاني المعارك الحماسيّة واحسسنا اننا نحن واهلينا, وهم واهليهم, المظلومون الوحيدون في الحرب وملعون ابو حكومتي البلدين التي جعلتنا وقودا لصداماتها... ماأن اصبح الباصان متلاصقين حتّى بادلناهم التحية بشوق جارف فنحن الوحيدون على سطح الكوكب الذين نفهم حقيقة مشاعرهم واشواقهم وآلامهم وتحرّقهم للوصول لاهلهم الان, فهم مثلنا مزقتهم الغربة عن وطنهم وزوجاتهم واهلهم ومثلنا مقتلعون منذ عقد من الزمان عن حياتهم وسط مذلّة الاسر... جاملناهم بالسلام بالفارسي((جتوري اغا))فبادلونا التحيّة بالمصلاوي(اششّونك اخويي)فضحكنا من اعماقنا من المفارقة الغريبة فهم كما يبدو كانوا اسرى محتجزون في الموصل ونحن كنا في معسكرات طهران وكركان وكلانا في الجانبين سعينا لتعلّم لغة البلد الآسر وبالتأكيد فان لهجة الحراس في معسكرات الاسر ستؤثر في طريقة لفظنا للكلمات... كان هنالك خيط رفيع يشدنا لبعضنا فهم شركاؤنا بالمأساة التي عشناها...وحين تتشارك في آلامك مع ايّ كان فأن رابط المأساة يصبح قويّا وعابرا لكل المتناقضات. طيلة سنيّ الحرب الثمان بين العراق وايران لم يكن هنالك تبادل للاسرى ماعدا بادرتين يتيمتين لتبادل معوّقي الحرب من الطرفين رعى اولاهما الصليب الاحمر الدولي تم فيهما تبادل 30 اسيرا من الطرفين عام 1985 بسلاسة نوعا ما ,على عكس المبادرة الثانية التي كانت اكثر تعقيدا ,حيث تخللتها معاندات وتمنّعات من الطرفين خصوصا الطرف الايراني الذي دخل حينها بصراع مع موظفي الصليب الاحمر الدولي متهما اياهم بالتجسس لصالح العراق بين الاسرى العراقيين ردا على تقارير كان قد نشرها الصليب الاحمر تصف باسهاب المعاملة الوحشيّة التي كانت تمارس ضدّنا. وانتهى الامر بتدخّل الهلال الاحمر التركي كوسيط لدى طرفي الحرب ليتم فيهما اجراء ترتيبات معقّدة للتبادل الاسرى حيث ينقل كل بلد آسر 22 اسير معوّق بطائرة تابعة للهلال الاحمر التركي يصعدون على متنها برفقة رجال مخابرات البلد الآسر ويحمل كل اسير قلادة تتدلّى منها هوية تحمل صورته واسمه ورقمه وتنطلق كل طائرة من مطاري طهران وبغداد الى مطار اتاتورك وتنزلان متجاورتين وسط حراسة مشددة ولايتم انزال الاسرى للتبادل بل يتم فيهما انزال ضباط مخابرات البلدين ليصعدوا كلّ الى الطائرة التي تحمل ابناء بلدهم من الاسرى ثم اقفال الطائرتين عائدتين كل الى بلد الاسرى الموجودين على متنها حيث تطير الطائرة القادمة من بغداد الى طهران والعكس بالعكس مع الطائرة القادمة من طهران. وقد تداولنا في الاسر نكتة عن مفارقة حصلت اثناء عمليّة تبادل الاسرى هذه, مفادها ان المخابرات الايرانية علّقت باجات تحمل صورآ للخميني على صدور الاسرى العراقيين في الطائرة بجانب قلادة الهويّات التي تحمل صورهم وماأن نزل ضباط المخابرات الايرانيون من الطائرة في اسطنبول وصعد بدلا عنهم ضباط المخابرات العراقيين ,حتّى سارعوا بتوزيع باجات تحمل صور صدام حسين للاسرى المعوّقين الذين بادروا فورا بوضعها على صدورهم بدلا عن صور الخميني التي اقتلعوها ورموها ارضا(طبعا),حينها تأكد الاسرى العراقيون انهم تحرّروا من ايران فغيّروا هتافاتهم من هتافات للخميني الى شتائم ضدّه مشفوعة بهتافات لصدّام ,فلفت انتباه احد ضبّاط المخابرات العراقيين ان احد الاسرى المعوّقين قد علّق صورة صدام على يسار قميصه دون ان ينزع صورة الخميني عن يمين القميص وتتوسط الصورتين صورته في الهويّة تلك المعلّقة في القلادة فاقترب منه ضابط المخابرات والشرر يتطاير من عينيه وسأله مشيرا الى صورة الخميني من هذا الذي تعلّق صورته على يمين صدرك؟ فاجاب المعوّق بهدوء هذا امام الامّة!!!فظن الضابط ان هذا الاسير مخبول ليتحدّاه فعاود سؤاله مشيرا الى صورة صدام:ومن هو الذي تعلّق صورته على يسار صدرك؟فاجاب الاسير بنفس الهدوء هذا فارس الامّة فارتاح الضابط وعاود سؤاله :ومن هذا الذي تحمل صورته في الهوية التي تتوسط صدرك فاجاب الاسير بصرخة أفزعت ضابط المخابرات:هذا اللي انّا...ت أمّه !!!!!. تذكّرت هذه النكتة حين حدّقت في عيون الاسرى الايرانيين ساعة التبادل في ارض سربيل زهاب ,كان كل منّا ذاهب الى اهله وناسه واحبّاءه,كانت تجمعنا المظلوميّة,وقد بكيت بكاءآ مرّا بعد يومين من عودتي لاهلي في غرفة نومي ببيتنا حين علمت من احد الاسرى الذين تم تبديلهم بعدنا بيوم واحد, ان حادثا مروّعا قد حدث لقافلة الاسرى التي بودلنا بها حيث سقطت منها حافلتين الى الوادي في احد الطرق الجبلية الوعرة الرابطة بين سربيل زهاب وطهران واستشهد قرابة ال60 اسيرا دون ان تتكحّل عيونهم بعيون اطفالهم وامهاتهم واحبّتهم(نعم استشهدوا !!فبالنسبة لي حتى من مات من اسرى معركة أحد من المشركين هم شهداء فبالنهاية هم اسرى مثلي وليذهب من لايرضيه قولي للجحيم )
عدل سابقا من قبل اسامه العراقي في 17/3/2017, 6:32 pm عدل 1 مرات |
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:13 pm | |
| (في طريق العفن..مكاتيب سقطت من ساعي البريد) ان الجنة وبلادي هما المكانين الوحيدين اللّذين تستطيع فيهما ان تكرع الخمرة وتسبّح بحمد ربّك!!!...من قصيدة مذكرات معتوه ,,للمؤلف,,
رشدي عبد الصاحب سارت بنا الحافلة ضمن قافلة الاسرى العائدين المهيئين للتبادل مع الاسرى الايرانيين في العراق.كانت تحف بقافلتنا سيارات اللاندكروزر ذوات الهوائيات الضخمة النابتة في مقدمة السيارة كأنها وحيد القرن والتابعة للصليب الاحمر الدولي رافعة اعلامأ ضخمة للتدليل على هويتها وتتخطانا كل بضعة دقائق سيارات باترول بيك آب تنهب الارض باتجاه الحدود العراقية ثم لاتلبث ان تعود باسرع مما ذهبت حتى يخيل لنا انها ستنقض علينا وكلنا يعلم مدى سطوة راكبيها .. -هناعلى الحدود يبدو تدخل الله محدودآ امام تدخل أي من هؤلاء...قالها صاحبي وهو( يدردم )....انهم من الاستخبارات العسكرية (دايرة دوفوم)أي الدائرة الثانية وهي شعبة الاستخبارات المختصة بشؤون الاسرى. كأن على رؤوسنا الطير ننظر الى الامام كمن يقود الحافلة...فهناك حيث الافق البعيد منظر نخلات ثلاث محترقات قرب أكمة لانكاد نميز ماحولها ...... هناك العراق حيث النخلات..قالها سائق الحافلة الايراني المدني ...ومد يده الى راديو السيارة حيث يقوى البث العراقي عند الحدود لاسيما في (سربيل زهاب )حيث نتوجه للتبادل عبر وسيط هو الصليب الاحمر الدولي...انطلق صوت رشدي عبد الصاحب عبر المذياع وهو يزمجر بانتصارصدام التاريخي في الكويت*هامش رقم1...*(كانت الحرب قد اوقفت رسميا في 8 آب 1988 الا ان تبادل الاسرى قد تأخر قرابة السنتين ولم يتم حلحلة ملف تبادلهم الا بعد دخول صدام للكويت وانشغاله بها حيث لم يعد بمقدوره التصارع على كل الجبهات ومن هنا فان الاسرى العراقيون ينظرون الى حماقة صدّام في اجتياح الكويت باعتبارها احد اعظم اعماله فلولاها لما عادوا لاهليهم!!!!) فاذا بالجميع يجهشون بالبكاء..!!!. العبرة ليست برشدي المذيع الذي كان يصم آذاننا بزعيقه عن البطولات الزائفة لسيده صدام في القادسية خلال الثمانينات والذي قيل ان مكافأته كانت باستثنائه من التسفيرالى ايران قبيل اندلاع الحرب,ولكنه رمز يذكرك بالعراق فحين تكون خارج وطنك ومحروم منه فأي حمار عراقي واية عاهرة عراقية بل وحتى أي مسؤول سياسي عراقي يعد كافيآ ليثير فيك رغبة عارمة في احتضانه وتقبيله من دبره.. ودبرها!!.وكأنك تبوس العراق,ومن ينكر هذه الحقيقة فهو جاهل بحب الوطن وبعلم النفس الاجتماعي وعلم الاستمولوجي وعلم التاريخ وحتى علم البوس!! سمّرتنا الاوامر الصادرة من رجل ضخم الجثة تعدى الرتل بسيارته التي يقودها بنفسه ثم توقف واشار بيدة بعلامة الوقوف فتوقفت في الحال قافلة الحافلات الخمس والعشرين . نزل من كل حافلة مسؤولها ليستعلم ويستلم اوامر جديدة بالتريث ,تسمرت عيوننا على النخلات الثلاث لم ينبس احدنا ببنت شفة كنا نتلهف لمعرفة السبب؟مالذي يحدث سألت السائق الذي بدا منزعجآ من تأخير نقل الحمولةوتفريغها!!؟ يبدو ان الجانب العراقي لم يحظر الاسرى الايرانيين الذين يفترض مبادلتكم بهم,اجابني السائق واردف انكم 850 في هذه الوجبة والاتفاق ان تتم مبادلتكم بألفي اسير ايراني ولكن يبدوا ان العدد غير جاهز في المنذرية على الجانب الاخر. ليس امامنا سوى الانتظار ....لاأحد ينظر من شباك الحافة يمينآ او شمالا الكل عيونهم زائغة للامام حيث العراق. سمعنا دوي انفجارات على جانبي الطريق المجدب ,قيل لنا ان الارض على الجانبين مزروعة بحقول زاخرة بالالغام التي تتفجر فيها الارانب والخنازير.كان يراد لنا ان نختم رحلة العودة بمشاهد التفجير والقتل . نظرت من الشباك فلاح لي ارنب ينهب الارض مسرعآ وفجأة دوى انفجار هائل وتطايرت اشلاءه وغبار الشظايا والاحجار والتراب الذي غطى مخيلتي واعادني الى ليلة الثلاثين من نيسان عام 1982 في الجبهة ضمن قاطع عمليات البصرة كنا في منطقة ما بين المحمرة وعبادان وكانت طبول معركة وشيكة تدق منذ ليلتين ودوي الانفجارات لاينقطع,زار الجبهة ليلتها اسماعيل تايه النعيمي (ابو الشهيدين)وابلغنا جنودآ ومراتب ان هجومآ وشيكآ سيحصل في قاطعنا وما علينا سوى الصمود لساعة واحدة وسنرى افضل مقاتلي الجيش العراقي هنا يحيطون بنا مساندين.*هامش رقم2..*( ارجو ان لاتكونوا قد صدقتم كلمة من حديث هذا المارشال الذي لم نر قطعاته من اول خيوط فجر اليوم الاخير من نيسان1982 حتى يوم عودتنا عبر سربيل زهاب في 26 آب 1990)
|
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:14 pm | |
| حفل الاعدام طرت في الهواء وعيناي لاتصدقان انني بجسمي الضخم من الممكن ان ارتفع لارى سقف (اللاندكروزر).....صلية دوشكا اصابت قدماي من الخلف عندما كنت معلّقآ مع خيوط الفجر الاولى في السيارة الاخيرة الباقية في فوج المشاة المتقدم(الفوج الثاني في اللواء المدرّع 53)في الطاهري والتي تركها الآمر عامدا وانسحب بسيارة (واز) روسية عتيقة في حيلة انطلت علينا ودهشنا لها, أذ ليس من المعقول ان يعمد من يحاول الهرب من معركة مميتة شرسة الى ركوب سيارة عتيقة ويترك سيارة يابانية حديثة ك(اللاندكروزر)وهوآمر الوحدة وله الحق في الاختيار.!!!. طبعآ بعد فوات الاوان عرفنا السبب ,فآمر الفوج لم يرد ان يلفت انتباه الايرانيين الذين اطبقوا كالكماشة على المنطقة مع خيوط الفجرالاولى ,فحين ستحاول سيارتانا اختراق الطوق الايراني فأن تركيز الايرانيين سيكون على السيارة الحديثة الفخمة حتما باعتبارها سيارة القائد وسيعدّونها صيدا ثمينآ وحينها ستكون للسيارة الروسية العتيقة فرصة اكبر للنجاة,,وهو ماحصل فعلآ. ستة عشر بين جندي وضابط حشرنا اجسادنا في اللاندكروزر,وبسرعة جنونية رحنا نتّبع خطى سيّارة الآمر(وفي حالة الرعب التي تملّكتنا فقد نذرنا الثروة الحيوانية للقطر من الخراف للقبج مرورا بالحمير!! )وفجأة افزعتنا صلية دوشكا لمدرّعة ايرانية ركّزت نيرانها على سيارتنا فيما افلتت سيارة الآمر في غبار المعركة**هامش (علمت بعد سنوات ان سائق الآمر الماهر محمد المصلاوي قد دخل وسط رتل ايراني فعمد لتخفيف سرعته واوهمهم انه جزء منهم حتّى افلت فجأة منهم.). ولأنني كنت معلّقا في السيارة من خارجها من الخلف فقد كانت اصابتي اصابة مباشرة طرت من قوّتها امتارا في الهواء وحين سقطت كنت ضمن ستة جرحى كانت جروح اغلبهم طفيفة..اقترب منا الجنود الايرانيّون ووضعونا على الارض وورصّوا خلفنا باقي زملائنا السالمين المستسلمين كأننا فريق كرة قدم,وفوجئنا بالصلية الثانية من المدفع الرشاش المنصوب على المدرعة ومن الجنود الايرانيين رغم استسلام الجميع والغريب في الامر ان التركيز كان على السالمين الواقفين الذين استشهدوا جميعا فيما نجونا نحن الجرحى من حفل الاعدام الرهيب. تعالى بين الايرانيين صراخ وشجارلم نفهمه ,تماوتنا رعبآ رغم ان الانين فضحنا ..اوقف الايرانيون سيارة حمل عسكرية(ايفا) وبداؤا بحملنا ورمينا فيها,,امر الايرانيون احد زملائي الجرحى (عبد الستّار)ان يساعدهم بحملي لسيارة الحمل وكان جرحه طفيف جدّآ,,فقفز الى السيارة وتركني فضربه احد الجنود بأخمس بندقيته على ظهره وحملني الايراني ورماني في حوض السيارة**هامش(بعد عودتنا من الأسر جاهد عبد الستارليصالحني وارسل وسطاء من زملائنا القدامى وسط رفض قاطع مني باستقباله رغم مجيئه من الرمادي لبغداد..رغم اني سامحت اناسآ عذّبوني وجلدوني في الاسر وتلك قصّة اخرى ستأتي في حينها). توجّهت بنا سيارة الحمل نحو الاهواز تاركةجثث الشهداء العشرة ممرغة في التراب ,كانت جراحي تنزف بشدّة من كف قدمي اليسرى ومن سمّانة فخذي الايسر ومن اعلى الفخذ وكانت اقواها اصابتي في سمّانة قدمي حيث اقتطعت منها قطعة كبيرة بحجم كفّين مشبوكتين ,,انتابتني حالات اغماء لاأعرف كم استغرقت وفتحت عيني في احداها واذا بي فيما يشبه المشفى الميداني,وقد عمد المسعفون الى خلع ملابسنا (رب كما خلقتني )بقصّها بالمقص من الجوانب لانها ملتصقة بالدماء ويصعب نزعها بدت احدى المسعفات عصبية في كلامها مع جندي ايراني كان مشغولآ بانتزاع حزامي العسكري بقسوة رغم انّي كنت اتلوّى من شدّة الالم!!!. هوية مزورة بعد تضميد جراحنا ضمادآ اوّليّآ ,غطّوا اجسادنا العارية بشراشف بيضاء,,صحوت مرّة اخرى واذا بنا في باص كباص المدارس حوّرت مقاعده الى نقّالات يسير بنا في شوارع الاهواز ,وكان بجانبي (سعد عزيز التكريتي)عريف الصنف الكيمياوي في وحدتي العسكرية من اهالي الكاظميّة,وكان لقبه يخيف ضباط الوحدة الذين كانوا يظنّون انه من اقارب صدّام.**هامش (والحقيقة فأن شكله كان يشبه الى حد ما شكل صداّم وكانت فرصة ذهبية له ليستغل هذا التشابه فكان يقلّد لبس صدام للبيريّة ويجيب بغموض عن اي سؤال مباشر يوجّه له بخصوص صلة القرابة ,وزاد في دعم التصور بالقرابة المزعومة بصدّام ان شقيقه كان يشغل منصب مدير التفتيش العام في الجيش,وقام بتزويده بهويّة مزوّرة باعتباره ضابط في سرية قاذفات اللهب كان يستعملها سرّا في حجز غرف المنام الفاخرة في قطار بغداد-بصرة التي خصصت للضباط والشخصيات منذ اندلاع الحرب فكان ضبّاط الوحدة يرونه في اجازاتهم وهو يركب في غرف المنام ويعتبرون ذلك جزء من مزايا كونه من اقارب الرئيس!!!) اصيب سعد في جبهته باطلاقة دوشكا حين كان معلّقآ معي في (اللاندكروزر)حين التفت ليرى مصدر النار التي اصابتني فقشطت اطلاقة الدوشكا جبهته ونجا من الموت باعجوبة. صحوت من اغماءة صغيرة على صوت (سعد)وهو يهزّني بعنف من كتفي:طارق ...طارق.. الحكلي اخوي؟ كان مرعوبآ فقلت له :شبيك؟..فقال عندي مصيبة, لك هاي هوية ضابط سرية قاذفات اللهب اذا مسكوها عندي ستكون نهايتي!!وانت ممدد قرب النافذة ارجوك مزّقها وارمها من الشباك في الشارع قبل ان نصل..فاخذتها منه وصرت اقطّعها باسناني بصعوبة لانها مكبوسة بطبقة سميكة من النايلون الحراري واذا بي اصطدم بطعم نتن (يلوص) بفمي..مزّقتها ورميتهاوصرت ابصق بشدّة وكدت اتقيّأ والتفتّ له قائلآ :ولك هاي جايفة؟!!فاجابني وهو يضحك والدموع تترقرق من عينيه:لك موجنت ضامهه بطي..ي عندما خلعوا عنا الملابس في المستشفى الميداني!!!. اغمي عليّ مرة اخرى لأصحو على صخب واصوات الجنود لأجد نفسي ممدّدا في ارضية جملون ضخم يحوي قرابة الألف اسيرعراقي معظمهم سالمين ومن مختلف الرتب العسكريّة,كان الكثير منهم مذهولون من سهولة اسرهم ,والبعض كانت تشعّ من عيونهم راحة غريبة ..راحة استراحة المحارب!!. صور مضحكة مبكية كانت تدور حولي...النائب ضابط مشعان كان قد باع سيارة متسوبيشى جديدة (وزّعها صدّام مكافأة لضبّاط الصف)باعها قبل الهجوم الايراني بليلة واحدة بعشرة آلاف دينار(وهو مبلغ ضخم في تلك الايام يعادل 33 الف دولار)وكان ينتظر موعد اجازته ليذهب بالمبلغ الى بيته ولكنّه فوجيء بالغاء الاجازات وثم الهجوم الايراني ,فالأسر..كان يخفي نقوده من الحرّاس الايرانيين في الجملون (وكل نقوده من فئة العشرة دنانير)...رأيته ممسكا بورقة وقلم يدور على الاسرى سواء كان يعرفهم او لايعرفهم..قائلآ:اخوية فدوة اخف لي عشرة دنانير عندك واعطني عنوانك في العراق وعندما نرجع سآتي لأستلمها منك فأنا لاأستطيع اخفاء هذا المبلغ الضخم عن عيون الايرانيين الملاعين..!!!. |
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:15 pm | |
| جندي السمينوف اكتشفت لاحقآ ان كل اسير يؤسر كان يرى في اسره نهاية للحرب الطاحنة وانه سيرجع خلال ايّام وان استسلامه يعني ان الجيش العراقي كلّه استسلم وهزم وانه بالتالي سيعود لأهله سريعآ وكل شيء سيكون على احسن حال ,كان الجميع في حالة غيبوبة تامّة واحلام يقضة وغشاوة تمنعهم من رؤية المأزق الذي حلّ بكل واحد منهم ساعة وقوعه في الاسر!!. استلم الحراسة في باب الجملون جندي ايراني قصير القامة لايتجاوز عمره الخمسة عشر ربيعآ!! **هامش(علمت بعدئذ ان من ضمن القوانين العسكرية الغريبة في ايران ان بامكان من هم دون سن الثماني عشر ان يخدموا الخدمة الالزامية مبكّرا شريطة موافقة اولياء امورهم كي ينهوا الخدمة سريعآ ,وكان الكشاورزيّة(اي الفلاحون)يسارعون لتقديم ابنائهم مبكّرا للخدمة العسكرية خصوصآ مع تزايد نسبة الاميّة في ايران ,الامر الذي يتيح لهم استغلال ابنائهم مبكّرا في العمل بالزراعة واعانتهم على الحياة وزاد اقبالهم على هذا الامر الغريب حين عمدت ايران الى عدم تمديد الخدمة الالزاميّة رغب اشتداد وطيس الحرب بسبب الاقبال الشديد للشباب الفقراء على الانخراط في الجيش بل والالحاح على الذهاب الى الجبهة للحصول على امتيازات مضاعفة الحصّة التموينية لعوائلهم ومضاعفة رواتب المقاتلين في الجبهة لتصل لسبعة أضعاف رواتب اؤلئك الذين يخدمون في الخطوط الخلفيّة!! واصدر الجيش امرا ثانيا يتيح للاغنياء ابعاد شبح القتال عن ابنائهم حيث اصدروا اوامر باعفاء كل من يمتلك ورشة عمل فيها مالايقل عن 15 عاملآ من الخدمة الالزامية واعتبار عمله في ورشته بمثابة البديل عن الخدمة في جبهات القتال فكان الاغنياء يعمدون الى فتح ورش يسجّلونها باسماء ابنائهم ليبعدوهم عن ويلات الحرب وبذلك فأن وقود الحرب كانوا من الاطفال والشباب الايرانيين الفقراء حصرآ) يبدو ان هذا الجندي قصير القامة الذي كان يتسلّح ببندقيّة (سيمينوف) اطول منه بشكل مثير للسخرية ,كان معروفآ للاسرى في الجملون بكرمه الشديد!!! ,فما ان استلم نوبته للحراسة حتى قفز عشرات من الاسرى للوقوف في طابور طويل امامه ...اصبت بالصدمة حين رأيته يخرج علبة سكاير ويعطي لكل اسير سيكارة ويلفعه صفعة على خدّه وسط ضحك هستيري من زملاءه ومن الاسرى الذين يتلقّون الصفعات!!...رأيت بأم عيني ضبّاطآ يقفون في الطابور المقيت غير آبهين بنظرات الاحتقار التي كانت تطاردهم من جنود اسرى استهجنوا المنظر المقزّز لأمثال نقيب حمزة الذي وقف في الطابور لمرّتين بعد ان نزع رتبته في المرّة الثانية ولفّ منشفة على رأسه كي لايعرفه جندي السيمينوف!!!سمعت زمجرة من اسير خلفي من اهالي العمارة:نعله على الجكاير اللي تذل صاحبهه والعبّاس ابو فاضل راح اكطعهه من اليوم!!!. اغمي عليّ مرة اخرى يبدو ان وضعى الصحّي بات حرجا لكثرة مانزفت فقد صحوت على ممرضين مجنّدين ايرانيين يسكبون الماء على وجهي ويضعون مغذّي في ساعدي الايمن واخر ينقل لي دم في ساعدي الاخر وحديث يجري حولي من ضابط ايراني يأمر بنقلي مع اسير آخر على نقّالات الى احدى السيارات ليتم نقلنا على الفور الى مروحيّة خاصّة بالجرحى ثم عادوا وانزلونا منها واعادونا الى السيارة لنجد انفسنا ممدّدين في عربة (كوشيت) في قطار. شاهدت من الشبّاك جرحى من الاسرى العراقيين ينقلون الى عربات القطار الاخرى..خلعوا عنّي المغذّي وكيس الدم..تحرّك القطار وسط هتافات وتلويحات بالايدي من مواطنين مدنيين لم نفهم كنهها ولكنّها كانت شتائم بكل تأكيد (مايجعلني متأكدآ هو بصاق المواطنين الذي كان يسيل على شباك حجرتنا في القطار!! اغلقت علينا الابواب كنا نتلوّى من العطش والجوع ...فتحت الباب مرة واحدة فقط طوال الطريق ليلآ ورميت لنا كسرة خبز تناولناها بشراهة ...صحونا في محطة طهران صباحآ حيث وصل القطار محاطآ بالعسكر وبمواطنين تجمّعوا يهتفون بهتافات متشنّجة ويلوّحون لنا باياديهم وتطاير البصاق علينا ولم يتدخّل الجنود الا بعد ان رُشق احد الجنود بفردة (نعال طيّاري) اصابته في جبهته!!!. سارعوا بنقلنا في سيّارة مرسيدس (18) راكب نهبت بنا الارض وسط طهران الى (دزبان مركز" أي مقر الانضباط العسكري) وتم انزالنا في مستوصف صغير فيه قاعة تضم في كل جانب منها ستة اسرّة تديره نائب ضابط ممرض ايرانية اسمها قمر خانم اسم على مسمّى ,بطّة جميلة تلامس رموشها حواجبها اذا مافتحت عينيها اللوزيّتين. تم تمديدنا على الارض امام المستوصف وجاء عقيد طبيب بملابسه مدنيّة اسمه عقيد اصباحي كشف علينا وسألنا ان كان فينا من يعرف اللغة الفارسية او الانكليزية ,تكلّمت معه بانكليزية طليقة اعجبته فأبتدأ بفحص حالتي كانت لديه شكوك بتلوّث جرحي الكبير في الفخذ وقال لي بانكليزيّة ركيكة:سأتولى علاجك بنفسي شريطة ان نتحادث معا لساعة في اليوم بالانكليزية كي اقوّي نفسي لان الدراسة عندنا حتّى في كليات الطب بالفارسيّة ,وافقت بكل سرور فقد كنت مرعوبا من فكرة قطع قدمي اذاما استمر تلوّث الجرح. وضعونا على الاسرّة وكانت ستّة في كل جانب وكان الى يساري لسوء الحظ عبد الستار الذي رفض ان يحملني في ساحة المعركة وهو من عائلة غنيّة يمتلك ابوه اسطول سيارات حمل و مكتب مقاولات والى يميني مهندس زراعي ضابط مجنّد اصيب وجهه وجسمه بحروق شديدة نتيجة هبّة نار خلفية من (آر بي جي 7)من احد الجنود العراقيين بالخطأ,كنا خمسة من الاسرى الجدد ولم يكن اي منا قد رأى معسكرات الاسر فنحن جئنا من المعركة للمستشفى وترك القائمون على المستوصف سريرين فارغين كانوا كانوا يجلبون بين الحين والاخر جنود ايرانيين للرقود فيهما وحين كنا نسأل عن وضعهم كانت الاجابة الجاهزة"تسممّ"ثم تبيّن بعدها ان السريرين مخصصين لعلاج الجنود المدمنين على تناول الترياق!!!. قبالتنا كان صف من الاسرّة يشغلها جرحى من الاسرى العراقيين القدامى وكانت اصابات اغلبهم بالغة واقدام ثلاثة منهم معلّقة ومشوّهة واحدهم كان مقطوع القدم والسالم الوحيد كان (خميس) من اهالي المحمودية(جنوبي بغداد)وكان عبوسآ دوما ,ووظيفته القيام على خدمتنا في توزيع الطعام ومساعدتنا في قضاء حوائجنا في التبوّل والتغوّط دون مغادرة اسرّتنا بوضع اناء خاص تحتنا لقضاء الحاجة. دمعت عيناي حين قدّمت لنا اول وجبة طعام ,عبارة عن طبق رز وسوب خفيف تطفو فيه قطع جزر..نمت بأحلام مزعجة مردّها الى الالم الشديد والامسال الشديد ,فانا لم اقض حاجتي منذ اسري قبل اربعة ايام . اسير ايراني!! صحوت على جلبة في القاعة كان مصدرها اسيرعراقي جريح استقرّت شضيّة في احدى عينيه وكان في غيبوبة اغماء حين دخلنا المستوصف امس . كان يصرخ تارة بالعربيّة وأخرى بالفارسيّة ويبدو أنّه كان يطالب بمجيء مسؤول كبير ليشكو حالته..جاء له احد العرفاء وزجره بشتيمة فأذا به يردّها بشتيمة بالفارسيّة اطارت عقل العريف الذي هجم عليه واذا بالصراخ يملأ المكان وحينها فقط فجّر الجريح مفاجأة اذهلت الجميع حين بدأ بالصراخ بالفارسيّة بخطبة لم نفهمها وكان بين الفينة والاخرى يشير الينا بأصابعه بغضب ولكن الغريب في الامر ان الجنود الايرانيّون كانوا يستمعون اليه بذهول وهدأ كل شيء واخرج العريف الجميع وبدأ يهامسه ويسجّل بيانات منه بورقة صغيرة ثمّ صافحه وانصرف مسرعآ!!!. استغربنا ان يتمكن اسير عراقي ان يشتم العريف بالفارسيّة وان تنتهي المشادّة بينه وبين العريف بهمس بعد ان بدأت بصراخ!!!,ماأن خرج العريف حتّى ناديناه مبدين تعاطفنا معه محذّرينه من التمادي خوفآ عليه,وجائتنا المفاجأة حين التفت الينا والشرريتطاير من عينيه صارخآ بالعربية بلهجة غريبة قريبة من لهجة اهالي العمارة(جنوب العراق):جلاب ولد الجلاب ولكم اني ايراني مقاتل ادافع عن دولة الاسلام منكم ياكفرة!!!!. ساد القاعة الصمت من فرط الذهول فقد ظننّا جميعا انه مجنون وان مايخرّف به مردّه الى الم الشضيّة في عينيه,عاد العريف الايراني بصحبته عسكري لايحمل ايّة رتبة وكان واضحآ انه مهم (تبيّن لاحقا انه من الاستخبارات الايرانية المسمّاة دايرة دوفوم) سأله بملامح جامدة فبدأ الاسير يروي قصّته بطريقة اكثر هدوءآ تمكّن فيها (خميس) ان يتلقف مايقولون وخلاصة الامر ان الاسير هو جندي ايراني من اهالي الاهواز العربية**هامش( والتي يتميّز اهلها باصول عربية وسحنات سمراء ولهجة قريبة من لهجة اهالي العمارة العراقيّة بل انهم يرتبطون معهم برابطة عشائريّة وزيجات) في قوات غير نظامية ايرانيّة(جيش شعبي ظهير للقوات العسكرية الايرانية يطلق عليه بالفارسيّة البسيج) وحين اصيب في عينه بشضيّة في معركة الطاهري قبل اربعة ايام معنا نقلوه الى المشفى الميداني بالاهواز وكان مغمى عليه حين عالجوه وخلعوا ملابسه (رب كما خلقتني مثلنا) وغطّوه بشرشف ابيض وغدا مثلنا تمامآ فنقلوه بالخطأ الى جملون الاهواز ثم الى طهران قبل نقلنا بيوم ليصل مغمى عليه للمستشفى,ثم ليفاجأ اليوم بمصيبة فقدانه البصر في احدى عينيه ,عداك عن انه نائم وسط اعدائه في مكان واحد!!!. لم يصدّق ضابط الاستخبارات قصّته وقال له :انك عراقي ,وتتصوّر ان اكاذيبك تلك ستنجّيك لنطلق سراحك وقصّة معرفتك باللغة الفارسيّة لاتعني لنا شيئآ فنحن لدينا اسرى عراقيين يتكلمون الفارسية بأفضل من سعدي الشيرازي. !!! جلبوا جندي استخبارات من اهالي الاهواز وتحدّث معه وبعد ان اكّد للضابط انه اهوازي فعلا ,تغيّرت لهجة الضابط واتهمه بتهمة اشنع قائلا له :نعم انت من الاهواز لكنك كنت تقاتل مع العراقيين الكفّار (كذا!!!) ضمن عصابة جيش تحرير الاهواز**(منظمة عربية افرادها من الاهوازيين البعثيين مقرّها في العراق وتتولّى تدريبها الاستخبارات العراقية على اعمال التجسس والتسلل والرصد) واسرت في الجبهة,واذا كنّا سنرحم الاسرى العراقيين فلن نرحم امثالك من الخونة ونهض تاركا الاسير الاهوازي مذهولا من الورطة التي وقع فيها !!!!.**هامش(نقل الاسير بعدها معنا الى معسكر الداوديّة وكان لاينام في الليل لشدّة رعبه منّا مخافة ان نقتله كعدو ايراني!!!! وبعد ثلاثة اشهر صحونا على قوة من الاستخبارات تأخذه من معسكر الدواوديّة مقيّدا ..وقيل بعدها ان حكما بالاعدام قد نفّذ فيه فيما أخبرنا آخرون انهم اعادوه لاهله بعد معاناة لاتحتمل.). |
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:16 pm | |
| اسير ايراني!! صحوت على جلبة في القاعة كان مصدرها اسيرعراقي جريح استقرّت شضيّة في احدى عينيه وكان في غيبوبة اغماء حين دخلنا المستوصف امس . كان يصرخ تارة بالعربيّة وأخرى بالفارسيّة ويبدو أنّه كان يطالب بمجيء مسؤول كبير ليشكو حالته..جاء له احد العرفاء وزجره بشتيمة فأذا به يردّها بشتيمة بالفارسيّة اطارت عقل العريف الذي هجم عليه واذا بالصراخ يملأ المكان وحينها فقط فجّر الجريح مفاجأة اذهلت الجميع حين بدأ بالصراخ بالفارسيّة بخطبة لم نفهمها وكان بين الفينة والاخرى يشير الينا بأصابعه بغضب ولكن الغريب في الامر ان الجنود الايرانيّون كانوا يستمعون اليه بذهول وهدأ كل شيء واخرج العريف الجميع وبدأ يهامسه ويسجّل بيانات منه بورقة صغيرة ثمّ صافحه وانصرف مسرعآ!!!. استغربنا ان يتمكن اسير عراقي ان يشتم العريف بالفارسيّة وان تنتهي المشادّة بينه وبين العريف بهمس بعد ان بدأت بصراخ!!!,ماأن خرج العريف حتّى ناديناه مبدين تعاطفنا معه محذّرينه من التمادي خوفآ عليه,وجائتنا المفاجأة حين التفت الينا والشرريتطاير من عينيه صارخآ بالعربية بلهجة غريبة قريبة من لهجة اهالي العمارة(جنوب العراق):جلاب ولد الجلاب ولكم اني ايراني مقاتل ادافع عن دولة الاسلام منكم ياكفرة!!!!. ساد القاعة الصمت من فرط الذهول فقد ظننّا جميعا انه مجنون وان مايخرّف به مردّه الى الم الشضيّة في عينيه,عاد العريف الايراني بصحبته عسكري لايحمل ايّة رتبة وكان واضحآ انه مهم (تبيّن لاحقا انه من الاستخبارات الايرانية المسمّاة دايرة دوفوم) سأله بملامح جامدة فبدأ الاسير يروي قصّته بطريقة اكثر هدوءآ تمكّن فيها (خميس) ان يتلقف مايقولون وخلاصة الامر ان الاسير هو جندي ايراني من اهالي الاهواز العربية**هامش( والتي يتميّز اهلها باصول عربية وسحنات سمراء ولهجة قريبة من لهجة اهالي العمارة العراقيّة بل انهم يرتبطون معهم برابطة عشائريّة وزيجات) في قوات غير نظامية ايرانيّة(جيش شعبي ظهير للقوات العسكرية الايرانية يطلق عليه بالفارسيّة البسيج) وحين اصيب في عينه بشضيّة في معركة الطاهري قبل اربعة ايام معنا نقلوه الى المشفى الميداني بالاهواز وكان مغمى عليه حين عالجوه وخلعوا ملابسه (رب كما خلقتني مثلنا) وغطّوه بشرشف ابيض وغدا مثلنا تمامآ فنقلوه بالخطأ الى جملون الاهواز ثم الى طهران قبل نقلنا بيوم ليصل مغمى عليه للمستشفى,ثم ليفاجأ اليوم بمصيبة فقدانه البصر في احدى عينيه ,عداك عن انه نائم وسط اعدائه في مكان واحد!!!. لم يصدّق ضابط الاستخبارات قصّته وقال له :انك عراقي ,وتتصوّر ان اكاذيبك تلك ستنجّيك لنطلق سراحك وقصّة معرفتك باللغة الفارسيّة لاتعني لنا شيئآ فنحن لدينا اسرى عراقيين يتكلمون الفارسية بأفضل من سعدي الشيرازي. !!! جلبوا جندي استخبارات من اهالي الاهواز وتحدّث معه وبعد ان اكّد للضابط انه اهوازي فعلا ,تغيّرت لهجة الضابط واتهمه بتهمة اشنع قائلا له :نعم انت من الاهواز لكنك كنت تقاتل مع العراقيين الكفّار (كذا!!!) ضمن عصابة جيش تحرير الاهواز**(منظمة عربية افرادها من الاهوازيين البعثيين مقرّها في العراق وتتولّى تدريبها الاستخبارات العراقية على اعمال التجسس والتسلل والرصد) واسرت في الجبهة,واذا كنّا سنرحم الاسرى العراقيين فلن نرحم امثالك من الخونة ونهض تاركا الاسير الاهوازي مذهولا من الورطة التي وقع فيها !!!!.**هامش(نقل الاسير بعدها معنا الى معسكر الداوديّة وكان لاينام في الليل لشدّة رعبه منّا مخافة ان نقتله كعدو ايراني!!!! وبعد ثلاثة اشهر صحونا على قوة من الاستخبارات تأخذه من معسكر الدواوديّة مقيّدا ..وقيل بعدها ان حكما بالاعدام قد نفّذ فيه فيما أخبرنا آخرون انهم اعادوه لاهله بعد معاناة لاتحتمل.).
اوّل كلمة تعلّمتها بالفارسيّة "صرم"!! بدأت قمر خانم بتعلّم الانكليزية مع عقيد اصباحي من خلال ساعة المحادثة التي كنا نجريها عصر كل يوم وكنت بدوري اتعلم بضعة كلمات بالفارسيّة . في اول يوم علاج في المستوصف كان المسعفون يرددون كلمة "صرم!!" بكثرة في علاجهم معنا وكنت اضحك بداخلي رغم الالم دون ان اعرف معنى الكلمة ,وتبيّن ان صرم تعني ببساطة كيس المغذّي الذي يعطى للمريض ,وبالتالي فأن الصرم نوعان ,صرم قندي وصرم نمكي(مغذّي بالسكّر ومغذّي بالملح)!!!. مكثت برقدتي سبعة أيّام فهمت فيها ان ان هنالك معسكرات للاسرى يعانون فيها شتّى الوان الاهمال المشوب بالتعذيب والضرب ,وبالتالي فأن عليّ ان اطيل مكوثي في المستشفى قدر الامكان ,وان السعيد من يقضي ايّام اسره في المستشفى..ولكن جراحي بدأت تنظف واطمئننت الى ان قدمي لن تقطع. زارني عقيد اصباحي عصرا بصحبة جندي عربستاني(استخبارات على الاغلب) لاستأناف حديثنا بالانكليزية ..فجأة طلب مني ستّار ان اترجم له طلبا للعقيد فوافقت على غضاضة..قال لي ستّار قل للعقيد ان والدي رجل اعمال عراقي غني جدّا وهو على استعداد لأن يعطيكم فدية عنّي مقابل اطلاق سراحي عملا بالاية القرآنية التي تقول في حق الاسرى"فامّا منّآ وامّا فداء"وفي حال موافقة دولتكم على طلبي فعليكم ان تدعوني اتّصل به ليحوّل فورا لايّة سفارة ايرانيّة في العالم مبلغ "مليون دينارعراقي" اي مايعادل ثلثة مليين وثلاثمائة دولار امريكي فبلع عقيد اصباحي ريقه وتلفّت يسرة ويمنة وقال والغضب يملكه :سانقل طلبه للسلطات (والغريب انّه قالها بالفارسيّة وطلب من الجندي العربستاني ان يترجمها)..ثمّ نهض مسرعآ ليعود بعد دقائق لوحده ووقف امامنا نحن الاثنين ثم بصق في وجهينا قائلا بالانكليزيّة ان من الغباء ان يطلب صاحبك هكذا طلب مني بوجود هذا الجندي!!!وقل لصاحبك ان الجمهوريّة الاسلاميّة ليست بحاجة لاموال ابيه وستنتهي الحرب ويرجع الى اهله ثم اختتم خطابه وهو يغمغم بعبارة "اغبياء"وتركنا نضرب اخماس باسداس وعاد مرّة اخرى ليقرر ان حالتي وحالة عبد الستّار تماثلتا للشفاء واحسست في نبرة كلامه تهديدا لم افهم كنهه الا بعد ان اقبلت قمر خانم مسرعة لتقول لي ضاحكة what is the meaning of سجن(زندان) in inglish? Prison or camp of prisoners of war فقلت لها حينها قالت mr,tareq you must go to the camp!!!. حينها ادركت انني قد فقدت بسبب حماقة عبد الستّار نعيم المستشفى!!وأنّ عليّ ان أوطّن نفسي لرحلة طريق العفن**هامش(اقتباسآ من قصّة الفراشة لهنري شاريير) |
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:18 pm | |
|
خطوات في طريق العفن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يثير رعبي.. بينما لا يشكل الأسد الشبعان أي أذى؛ فليس لديه أي مذاهب أو طوائف أو أحزاب..”.شكسبير كان (دجبان مركز) معسكرعظيم المساحة مليء بالبنايات واشجار القوق العملاقة يقع في قلب طهران العاصمة وهو مقر الانضباط العسكري العام وفيه دوائر للاستخبارات الايرانية(دايرة دوفوم) وفيما بعد علمت ان من هذا المعسكركانت تتم ادارة كافة معسكرات الاسرى استخباريّا من الخبز حتى قطع القابلوات التي يتم جلدنا بها دونما رحمة. كان هنالك في المعسكر مركز تسفيرات مزري للغاية وكان محطة ارسال واستقبال اسرى ومن خلاله كان يتم ارسال الاسرى الى المحاكمات الهزليّة التي يتولى بها معممون الضرب والشتم واصدار الاحكام الجائرة بالسجن داخل السجن وبالجلد والاعدام المؤجل احيانا. بعد آذان المغرب جاء عسكريان لنقلي انا وعبد الستار الى سجن التسفيرات الذي يبعد بضعة مئات من الامتار عن المستوصف . كانت بوابة التسفيرات تتوسط جناحين في كل جناح قاعة فيها مجموعة من الاسرى خصصت القاعة اليمنى وهي غرفة صغيرة للجرحى الذين تجرى لهم اسعافات اولية والتي سنبيت فيها ريثما يتم توزيعنا على معسكرات الاسر, فيما علمت ان القاعة الثانية تحوي على طباخين وحمّالين من الاسرى القدامى ممن يعملون في المطبخ المركزي الذي يورّد الطعام لمعسكرات الاسرى. وقد كان هنالك في معسكر (دز- مر) كما يختصرونه مطبخ مركزي لطبخ وجبات الطعام لاسرى معسكرات طهران العاصمة وكان كادره في باديء الامر هم الطباخون العسكر من الايرانيين والحقيقة فان بعض ضعاف النفوس منهم كانوا يعمدون الى خلط التراب بالرز والقاء المسامير في المرق ووصل الحال الى ان يرمي احد الجنود الايرانيين ببسطاله العفن في قزان ساخن للمرق مما اثار نوبة احتجاجات كبيرة في احد المعسكرات ووصل الامر الى اضراب عن الطعام صدر بعده قرار بان يكون مطبخ الاسرى المركزي في دز مر باشراف عرفاء طباخين ايرانيين وكادر طباخين من الاسرى وكذلك حمالين للمطبخ وتكون اقامة هؤلاء في قاعة التسفيرات المقابلة لقاعتنا وكان الاتصال بيننا ممنوعا للغاية.
كانت الغرفة التي دخلناها مغطاة ببطانيات سوداء رديئة النسج تصبغ الوجه والكفين وتنثر صبغها علينا كلما احتكت بها اجسادنا كما ان صوفها سهل الحك بشكل غريب . وقد سلمت المستشفى لكل منا بيجاما زرقاء فاتحة من قطعتين ونعال بلاستيك ومنشفة للوجه وكان الجميع يئن من الالم وكان الليل قد خيّم علينا ونحن ممددون بشكل عشوائي في الغرفة الضيقة (12 متر مربع)التي لم تعد تحتمل انّات اكثر من ثلاثين جريحا بعظهم حالتهم صعبة بشكل جعلني احمد الله على اصابتي.
ظل حيطة ولاظل راجل!!!
حشرت نفسي بمكان قرب الزاوية التي كان يشغلها اسير عراقي باسم الوجه طويل القامة اسمه (جمال) جريح في قدمه جرحا في اللحم وكان على جنبي الاخر اسير حلاوي اسمه حيدر قصير القامة ابيض البشرة مشرب بالحمرة بوجه طفولي لايتناسب ونفثه للسيجارة التي كان يدخنها بشراهة المهموم وكان مصابا في كتفه وكانت تصرفاته غريبة والمفارقة ان اذرع الاثنين كانت مليئة بالوشوم ,وتوجست خيفة حين دققت بوشم حيدر الذي كتب به عبارة (اهل الوفه ماوفوا!!!)فيما كان جمال يملا زنده بوشوم للعقارب والافاعي وبدا اسامة يجري حديثا غريبا في مفرداته مع حيدر وانا ممدد وسطهما ,علمت من حديث الاثنين ان جمال بحّار سابق من اهالي البصرة وانه قد قضى عمره هاربا من الخدمة العسكرية وان هنالك لغة مشتركة قد بنيت بين الاثنين ابتدأت بحنان الام المفقود و(مشتاق لحضن الوالدة )وصار جمال يغمز لي باسما بما لاأفهمه فيما كان يسأل حيدر عن قصّة وشمه فحدّثه حيدر عن قصة تافهة عن صديق غدر به وخانه (كذا!!)وحينها بدأت عينا جمال باللمعان وبدا يمد حيدر بالسيجارة تلو الاخرى في كرم غريب (ولاأدري من اين اتى بالسجاير)!!!كنت اتمنى ان يقدم لي سيجارة ولكنني خجلت ان اطلب منه. اطفا الحارس الايراني النور صارخا فينا بكلمات بالفارسيّة فهمنا منها انه يريد منا الصمت والنوم, وماأن حلّ الظلام الدامس حتى بادر جمال لأن ينفحني لفافة سجائر هامسا في اذني وهو يشعل السيجارة لي (خوية انته تعبان والزاوية احسن الك فخلّي نبدّل بالمكان آني وياك لان حيدوري محتاج حنان الوالدة!!)اصبت بالرعب والذهول وسارعت بالموافقة ورغم المكان الضيّق فان جمال ابتعد عني مقتربا من حيدوري و اصبح الاثنان متلاصقان وبدا الهمس ,ومع اول ضحكة كتومة وانّات خافتة رأيت ان من الاسلم الاحوط وجوبا!!! ان الصق ظهري للحائط بحركة لاشعوريّة مرددا المثل المصري معكوسا ليصبح (ظل حيطة ولاظل راجل) وغطيت رأسي بمنشفة ورغم رعبي رحت اغط في غيبوبة نوم عميق. الداوودية صحونا على صراخ الحراس فينا ووزعوا علينا شوربة هرطمان وقطعة خبز وجلب لي جمال افطاري باناء معدني فيما جلب افطاره وافطار حيدر باناء واحد (افطار عرايس). بعد حوالي ساعة دخل عريف ايراني معه مترجم عربستاني وبيده قائمة اسماء وامرنا بان كل من يذيع اسمه يتوجه الى الخارج واذيعت اسماء 18 اسير واخرجونا الى الساحة واعانونا للركوب في سيارة مرسيدس 24 راكب وتوجهت بنا بصحبة ستة من الحرس الى طريق تحفّه الاشجارالى المستوصف لنقل الاسير المصاب في عينه بشضية والذي لازال مصرّا انه ايراني من الاهواز!!!!توجه بنا الباص بعدها الى خارج المعسكر واذا بنا في قلب العاصمة طهران وقد ذهلنا لجمال المدينة والعمارات الشاهقة والنظافة المتناهية في الشوارع والفاترينات الجميلة توجهنا بطرقات جبلية وسط منطقة ارستقراطية ,استغرقت الرحلة نصف ساعة تقريبا حتى وصلنا الى بنايات كانت في الاصل مدرسة داخلية خاصة بالسفارة الامريكيّة تعنى بابناء الدبلوماسيين الامريكان تقع في حضن جبل في شمال طهران في منطقة الداوودية هامش(حيث كانت هنالك سفارة امريكيّة ضخمة جدا في طهران في زمن الشاه تحتل مساحة شاسعة بنيت عليها 68 عمارة تابعة للسفارة ويقال ان فيها غابة ضخمة وان التنقل بين انحاء السفارة كان يتم بقطار صغير او مترو!!!) وصلنا للمعسكر الذي كان يؤهّل ليكون اول معسكر اسرى اريد له بعدئذ ليكون معسكرا سرّيا بعيد ا عن انظار الصليب الاحمر الدولي وايّة منظمة دولية لان ايران قد قررت تصحيح خطا قد وقعت فيه وهو انها سمحت للصليب الاحمر ان يسجّل روتينيّا كل اسير يقع في قبضتها قبل معارك ديزفول في اذار 1982 بل كانت تذيع لهم لقاءات في الراديو , ولكنها عمدت بعد هذا التاريخ الى خطة شيطانية مفادها ان تختار مجموعات من الاسرى تضعهم في معسكرات اسر سرّية لتستفيد منهم كورقة مستقبلية للتفاوض وساعدها على ذلك الاعداد الهائلة التي وقعت في الاسر في معارك دزفول والمحمرة والطاهري والتي بلغت عشرات الالوف فقامت بانتقاء الاف منهم لتخفيهم عن عيون المنظمات الدولية الى حين وقد بررت السلطات فعلتها تلك بان الجانب العراقي يخفي الاف الاسرى في سجون سرية في العراق . ثم طوّرت ايران خطتها الاجرامية بان بدأت بانتقاء نوعيات معينة من الاسرى لتخفيهم كالاسرى العرب او الاسرى الذين يرفضون ان يكونوا طيّعين لها والذين يعمدون الى مقاومة غسيل الدماغ الذي ابتدا بشكل منظم في اواخر عام 1982 كانت البنايات في المعسكر تحتضن مرتفعا جبليا حتى ان جانبا من القاعات كان بمستوى الارض فيما كانت القاعات من الجانب الاخر تطل على واد ,وضعونا في قاعات تطل على ساحة معبدة بالحصباء ولم يكن هنالك سياج محيط بالمعسكر وكانت اعمال لحام تجري على للشبابيك على عجل ,صعد بنا الحرس الى الطابق الاول من بناية من (طابقين وارضي ) وساروا بنا في ممر طويل تقع غرفه على جانب واحد حين وضعونا في قاعة كبيرة مدهونة حديثاقبل نهاية الممر الذي ينتهي بحائط بلا شباك وسلم كل منا بطانيتين ومنشفة نفرش واحدة ونعمل من الاخرى مخدّة وبذا كنا نحن اول تسعة عشر اسير دشّنوا المعسكر كنت من بينهم.
|
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:19 pm | |
|
اجيب صوت فريد!!! جلبة في الممر فتح باب الغرفة-الزنزانة فجأة ودخل جندي ايراني مسرعا وصارخا بنا (بلانشو...بلانشو) لم نفهم منه مايريد ..ازداد هياجه وغباءه وكأنّه عندما يصرخ بالفارسي فان الكلمة سيتم ترجمتها في الهواء!!! خرج الاسير الذي يدعي انه ايراني من صمته صارخا فينا :يكلكم اوكفو انهضوا!!!! فنهضنا مسرعين وماأن وقفنا حتى رتبنا الجندي صفا واحدا على الحائط وهرول خارجا ليعود ومعه آخرون دخلوا الغرفة صرخ الجندي بزملاءه باعلى صوته بكلمات مبهمة بايعاز عسكري واذا بالجميع يؤدون التحية لزائر معمم بعمامة بيضاء دخل الغرفة كان وجه المعمم متجهّمآ وانفاسه تطلع وتنزل وهو يحدق فينا بحنق يرافقه ضابط برتبة ملازم اول , همس المعمم باذن آمر المعسكر فانحنى له مطيعا واعطى ايعاز ليخرج جنوده الى خارج الغرفة الا اثنين بقيا واقفين كالاصنام بخدمة المعمم الذي صار يتمشّى امامنا بعبائته التي راح يثني اطرافها بعصبيّة مدقّقآ في الوجوه, اثار انتباهه احدنا واسمه (حسين علي........) لوجود اثر قديم طبرة غائرة في خده وحسين هذا من اهالي محلّة الذهب في الكرخ وكان سكيرا يقضي حياته بالحانات ويعمل نهارا جابي مصلحة نقل الركاب ,اشار له الشيخ المعمم باصبعه بان يتقدّم وما أن تقدّم حتّى بادره بعدوانية وبلهجة عراقيّة شدّت انتباهنا (شسمك ولك؟)
فاجابه (حسين علي .........)
..فغمغم الشيخ بما يشبه خيبة الامل !!!! ليبادره بسؤال غريب تماما عن اسماعنا اعادنا الى يوم السقيفة..!!!(سني لو شيعي؟)
فاجابه حسين بارتباك شيعي شيخنه
هممم... اتصلّي؟
اي شيخنه...
همم اتقلّدمن؟...
صفن حسين صفنه الحيران أو قل صفنة زمال حساوي لانه لايعرف (ولانحن كنا نعرف)التقليد وظن حسين كما ظننّا ان الشيخ يحب الكيف والطرب ويقصد تقليد اصوات المطربين فاجاب حسين بعفويّة (والله شيخنه اجيب صوت فريد الاطرش)!!!
فجنّ جنون الشيخ المعمم وطار وقاره مع مداسه الذي طار ليلقفه بيده وينهال به على رأس حسين صارخا(دنعل ابوك لاأبو فريد اليوم انعل والديك)
وانهال الجنود الايرانيون على حسين المسكين دون ان يفهموا طبعا ماألذي أثار الشيخ .
كانت لحظة رعب لاتوصف قد حلّت علينا ونحن نرى عجزنا عن الدفاع عن زميل لنا في اول موقف وحشي في زنزانات الاسر وسط خطبة من شتائم الشيخ الذي انهال بها علينا(كواويد نسوانكم يني..ون بيهن المصريين وانتوا تقاتلون مع جيش يزيد ضد دولة الاسلام ياكلاب!!!!
خرج الشيخ البذيء من الغرفة يتبعه الضابط وجنوده تاركين حسين ملقى على وجهه والدماء تسيل من وجهه.
ساعد ابو سند وطه واسماعيل والاخرون حسين في النهوض ومسحوا وجهه بمنشفة غمسوها بالماء وكان ذهوله وذهولنا اننا جميعا لم نعرف ماهو التقليد الذي اثار الشيخ ؟؟؟!!!حتى شرحه لنا احد الاسرى معنا من اهالي طويريج , والحقيقة انني حينها عدت بذاكرتي لحديث دار بين والدي وخالي الاكبر (وكان والدي يساري سابق وخالي قومي ناصري سابق واصبح الاثنان ملتزمان دينيّآ )وكان والدي يشرح لخالي اهميّة التقليد في المذهب الشيعي وان العبادة بدونه لايعتدّ بها وانها باطلة . هامش(لم يكن احد منا يعلم ماهو التقليد الديني وفق المذهب الشيعي وهو ان يعمد كل مسلم الى ان يتبع في طريقة صلاته وصيامه وعباداته ومعاملاته كافة رجل دين مرجع بعينه والعراقيون كانوا يقلدون السيد محسن الحكيم رحمه الله ثم انتقلوا اثر وفاته للسيد الخوئي فالسبزواري فالسيّد السيستاني ووقت اسرنا كان زعيم الحوزة في النجف الاشرف هو السيد ابو القاسم الخوئي)
الشخص الوحيد الذي ظلّ بلاحراك كان الاسير الايراني (او لنقل الذي يدعي انه ايراني) كان ينظر الينا بنظرة غامضة ..هل هي نظرة الشفقة ام خوف من الانتقام ام شعود بالذنب؟؟لاأدري ولكن الذي اعلمه انه منذ تلك اللحظة صار اقل عدوانيّة .
|
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:21 pm | |
| الله لايرضى عليك ياشيخ كان معنا في الغرفة مفوض مرور من الرمادي كان يكنّى ب(ابو سند)وبرغم التجاعيد العنيفة في وجهه والشيب المشتعل في رأسه لكنه كان ذا جسم رياضي واضح الحيوية وعلمت من جندي من قريته ان شعره قد شاب خلال ثلاثة ايام اثر وفاة شقيقه الاصغر بحادث دهس وانه اعتكف في غرفته طيلة ايام الفاتحة على روحه ليخرج اشيب الرأس بشكل غريب,وكان يأكل معه في نفس القصعة (طه ياسين شرموط الدليمي) وهو شاب ضخم الجثّة له قلب طفل من الراشدية وكان طه يقوم على خدمة ابي سند كأنه اباه احتراما, وكان له صوت شديّ في تلاوة القرآن ويقلد قراءة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد,وكانت لطه قصّة لطيفة كان يحب ان يرويها دوما فقد كان يتيما يعيش في كنف عمّه الذي يعتبره كأبناءه وكان يحلو لشباب القرية ان يجالسوه على حافة النهر في بساتين المنطقة ويطلبون منه ان يغنّي لهم مقاطع يجيدها لام كلثوم وكان عمره آنذاك الرابعة عشر وكان بدوره يزهو بصوته وعلم ابن عمّه المتديّن بمسامراته وغناءه فنهره شارحا له ان الغناء حرام وان عليه ان يشكر الله على نعمة الصوت الجهوري الذي يمتلكه وان عليه ان يؤدي زكاة هذه النعمة في تجويد القرآن ,اقتنع طه فجلب له ابن عمّه جهاز تسجيل وشرائط للقاريء عبد الباسط عبد الصمد وهيدفون وطلب منه ان يستمع ويقلد الشيخ عبد الباسط,وابتدا طه فعلا في الاستماع لقراءة الشيخ عبد الباسط لسورة الفاتحة التي يقرأها بنفس واحد من البسملة الى (اياك نعبد) وحين يتوقف يصرخ المنصتون في التسجيل بعبارات الاعجاب (اللللللللللله الله يرضى عليك ياشيخ الله يرضى عليك ياشيخ)واذا بطه ينتبه الى صوت خافت في التسجيل يقول في آخر همهمة المستمعين عبارة(الله لايرضى عليك ياشيخ)!!! اعاد طه التسجيل وفي كل مرّة يستمع لذات العبارة (الله لايرضى عليك ياشيخ فقفز طه راكضا الى ابن عمّه ليخبره ان هنالك شيطان في جهاز التسجيل يهمس بشتائم ضد الشيخ عبد الباسط فقفز ابن عمّه ليستمع بنفسه للتسجيل فيما وقف طه خائفا بباب الغرفة يتمتم بالمعوذات ,تاكد ابن عمّه من العبارة فجنّ جنونه واخرج الكاسيت وخرج من الغرفة مسرعا وهو يتمتم بشتائم على طه الذي دنّس المنزل الطاهر باغاني الدعارة وهاهي النتيجة !!!وهرول الى المقهى القريب وقرر الاستماع له من مسجّل المقهى الطاهر الذي لايفتح الراديو او المسجل الا على القرآن!!!!ولكن المصيبة ان العبارة ذاتها راحت تبرز كل مرة رغم تغيير الجهاز ورغم انف ابن عم طه المرعوب الذي تنهّد لسرعة ظهور دليل براءته . ذهب طه وابن عمه الى صاحب محل التسجيلات في شارع الخيام في الباب الشرقي ببغداد ليواجها صاحب المحل بالكاسيت الذي يحمل ختم محلّه وحاول صاحب المحل طردهما وبعد مشادّة امام باب المحل تراجع صاحب المحل بعد ان فحص كاسيتات عبد الباسط ليكتشف العبارة في مجموعة الكاسيتات في المحل رغم ان النسخة الاصلية التي يسجل منها(الاوريجنال)تخلو من العبارة المسيئة واذا بصاحب المحل يجري خلف العامل المسؤول عن اوردرات التسجيل والذي يبيت في المحل كل يوم ليسجل للزبائن طلبياتهم من الاغاني واية تسجيلات وتبين ان اخونا كان سكرانا بربعيّة عرك زحلاوي وهو يسجل طلبيات عبد الباسط وانه شكّل ميكرفون في جهاز التسجيل المركزي وحين اغاضه صراخ المنتشين بقراءة الشيخ عبد الباسط قام بشتمه بعبارة هامسة تختلط بصراخ المادحين!!والله لايعطيك ياشيخ ورحمة الله على روح الشيخ عبد الباسط |
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:22 pm | |
| في حضرة شقيق الوزير كان من بيننا اسير قصير القامة ملتحي عصبي المزاج ومتوتر وكان يقفز كالمجنون بين الحين والاخرمع كل صوت سيارة تدخل المعسكروينظر الى النافذة ويتأفأف كان اسمه اسماعيل لولح حمّادي من اهالي كربلاء وكثيرا ماكان يلملم بطانيته كمن يهمّ بالمغادرة في ايّة لحظة!! وكان الايرانيون قد وزعوا علينا آنية معدنية للطعام وزعوا لكل اسيرين اناء واحد فكان كل اثنين منا يأكلان معا ماعدا الجندي الذي يدعي انه ايراني ,فقد رفض رفضا قاطعا ان ياكل مع اي منا ويلتصق بفراشه قرب الباب رافضا الكلام معنا ولايكف عن الانين فاضطر ثلاثة من الاسرى ان ياكلوا معا ويتركوا له قصعة مفردة. وكان شريكي في الصحن المعدني اسماعيل الذي يبدوا معتوها ولانني كنت لاأستطيع حينها المشي الا بصعوبة فكان الرجل يكرمني باستلام الطعام وغسل الاناء وكنت ممتنا له جدا فقد كان هو السليم الوحيد بيننا جميعا. وفي احد الايام وفي اثناء الغداء مرّت شاحنة عسكرية تحت شباكنا فقفز اسماعيل هذا بسرعة جنونية الى الشبّاك فطارت قصعة الثلاثة الذين ياكلون معا بجانبنا في الهواء وتناثر الطعام فجنّ جنون احدهم ويدعى يحيى من بغداد –حافظ القاضي واشتبك الاثنان بشجار وصراخ وجاء الحراس الايرانيون وهجموا علينا جميعا بالضرب بالاحزمة الا اسماعيل الذي اعتذروا له وسألوه بلطف غير معهود عن سبب المشادة فقال لهم انه هو الغلطان وانتهت المشكلة بتنازلنا انا واسماعيل عن طعامنا للثلاثة الذين رفضوا بادب وبتوجّس خيّم على الجميع الذين كان همّهم ان يعرفوا كنه اسماعيل هذا ؟!!!. ماأن خرج الحراس حتى انزوى كل اسير على فراشه قلقين من اسماعيل الذي فهم انه مطالب بتوضيح وفجأة فجّر اسماعيل مفاجأته الصاعقة حيث نهض وسط الغرفة مخاطبا الجميع:اخواني انا اعتذر بس انتو متعرفون آني منو؟؟ آني اخو سعدون حمّادي وزير الخارجيّة فعلّق يحيى هازئا واني رئيس الوزراء فرد عليه اسماعيل صارخا انا اسماعيل لولح حمادي شقيق وزير الخارجيّة سعدون لولح حمادي كنت مفوّض شرطة بمركز شرطة الزبير وسرّحني اخي بنفوذه من الشرطة ولبست احتياط في الفيلق الثامن وكنت على وشك الانتقال بنفوذ شقيقي الى وزارة الدفاع في مديرية التجنيد العامة كي لاأكون في الجبهة ولسوء حظي اسرت قبل ان استلم كتاب نقلي وقد علمت من الجنود الايرانيين ان هنالك لقاء سري للغاية حصل قبل ايام في تركيا بين شقيقي وبين وزير خارجية ايران علي اكبر ولايتي لأنهاء الحرب وطالب ولايتي من اخي ابداء حسن نوايا باطلاق سراح وزير النفط الايراني تندوكيان هامش(وزير النفط الايراني الذي اسر بكمين عراقي في ترعة بهمشيرحين كان يتفقد مصفى عبادان عام 1981 اثر قصف المصفى ولم يعلم جنود لواء 33 قوات خاصة بانه الوزير حين اسروه ولكن حين اسر بالكمين مع حراسه كان واضحا انه شخصية هامة وحين اوثقهم الجنود العراقيون بالاشجار ليعدمونهم صرخ معلنا هويته بعربية ركيكة فأخذ اسيرا كصيد ثمين وموضع تندّر للاعلام الحربي العراقي ) وطالب وزير خارجية الجمهورية العراقية (شقيقي) بي ووافق ولايتي وانا اتوقع ان يأتي الايرانيون ليرجعوني للعراق في اية لحظة,ولذلك ياأخوان اعذروني حين اقفز مع كل صوت سيارة متوقعا الرجوع للعراق وحتما سأكلّم شقيقي بشأنكم!!!!. كنا فاغرين الافواه ونحن نستمع لاول مرة في حياتنا لشخص قريب من احد اركان السلطة في العراق لان هذا شيء قريب للاحلام كما يعلم العراقيون صرنا نتكلّم بحذر لاننا في حضرة شقيق وزير الخارجيّة ..سارع يحيى بالاعتذار لاسماعيل شاكرا له كرمه بقبول الاعتذار اما انا فقد تحيّنت نداء الحرس لاستلام العشاء لانهض بصعوبة واجلب الطعام لي ولاسماعيل لاول مرّة رغم تمنّع اسماعيل واصراره (لاأدري هل كانت لواكة مني ام رهبة... اضنها لواكة على الاحوط وجوبا وعلى كراهية شديدة )!!!. بعد ايام اقتحم الزنزانة فجأة وقت الغداء مجموعة جنود يتقدمهم مدني يتحدث اللهجة العراقية بطلاقة ونادى على اسماعيل فنفض يداه من الطعام فرحآ فقد ظن ان اوان عودته للعراق قد حان واذا بالمدني يسأله بلهجة صارمة عن رقم تلفون شقيقه وزير الخارجية (سعدون حمادي)الشخصي فردّ اسماعيل له الرقم بسرعة دون تردد وحينها تركوه فعاد للجلوس معي لاكمال طعامه فعنّفته بشدّة لانه اعطاهم الرقم بكل سهولة فاجابني ضاحكآ :عيني ابو زياد آني مفوض شرطة واختصاصي التحقيقات فكان لازم اجاوبهم بسرعة ودون تردد بأي رقم يخطر ببالي حتى لايشكوا في صدق جوابي ولو اني ترددت لما صدقوني بعد ذلك ولو اعطيتهم الف رقم ,لذلك اعطيتهم رقم لاأدري ماهو (وشمدريني يطلع محل حلاقة بالسعدون لودكان عطّار ببغداد الجديدة!!!!)فضحكنا وحينها ادركت ان اسماعيل ثعلب وليس ساذجا كما تصورناه ولكنه مع ذلك بقي اسير احلامه بالعودة وانقطعت بعد ذلك اخباره بعد ان نقلوه الى معسكر آخر وبعدها بست سنوات على ماأظن سمعت في سماعات الاذاعة الداخلية الايرانية الناطقة بالعربية والموجهة للاسرى قصيدة شعبية تافهة توجه السباب لسعدون حمادي وتسخر منه وتبشره(!!) بان شقيقه صار تواب وفي ظني ان اسماعيل قد افاق من احلامه الوردية على كابوس اليأس وانتقل الى طريق ينجيه بحسب ظنه من السجن باية طريقة ولكنه خرج من حفرة ليقع في بئر وانا لاألومه على كل حال فبشاعة الاسر اوحت لبعض الاسرى احيانا بطرق جهنمية للخلاص مهما كان الثمن واخطر مايمر به الانسان هو ان يفكر بالحل مهما كان الثمن فحينها سيدفع اضعاف ماتستحقّه البضاعة ايا كانت وتلك هي المصيبة. |
| | | اسامه العراقي المدير العام
. : عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3083 السٌّمعَة : 15 العمر : 34
| موضوع: رد: مذكرات جندي وقع في الاسر 17/3/2017, 6:24 pm | |
|
صراع الديوك!!!! التاريخ يعيد نفسه مرتين,مرة بشكل مأساة ومرة بشكل مهزلة!!! برغم الغام الدخول في معمعة من الذي ابتدا الحرب وهل هو العراق ام ايران فان هنالك حقائق على الارض لم يعد ممكنا لأي منصف التغاضي عنها فقيام الثورة الايرانية وتزعم اية الله الخميني لايران وشعور حكومة صدام بخطره ومعرفتهم بعمق علاقاته في النجف والشيعة في العراق ودعواته المبكرة لقيام الحكومة الاسلامية في ظل غياب الامام المهدي هامش(وهي مسألة خلافية يرفضها اغلب مراجع النجف الاشرف خلاصتها ان الخميني يرى بضرورة قيام دولة اسلامية تدين بالمذهب الشيعي تقيم احكام الاسلام ثم تسلم الحكم للامام المهدي حين يظهر فيما يرى معظم الزعماء الشيعة ان قيام الدولة الاسلامية من اختصاص امام معصوم ولاتقام قبل ظهوره وهو الخلاف الذي تجلّى بمسمّى مبدا ولاية الفقيه وهل هي ولاية على مقدرات امة ودولة ام انها ولاية صغرى لاتتعدى الولاية على اليتيم) خلقت حالة من الارباك والشكوك المبكرة بين الحكومتين وبالعموم فان الموضوع يكشف ان حكومة صدام كانت تشعر منذ سقوط الشاه ومن من خلال العلاقة المتوترة مع الزعماء الايرانيين منذ البداية ان ايران القادمة واية الله الخميني لاينسون فعلتها في ابعاد الخميني عن العراق بعد رفضه طلبا حكوميا بالكف عن العمل المعارض للشاه على اراضيها الامر الذي رفضه الخميني واضطره للاقامة في (نوفل لاشاتو) في ضواحي باريس بمساعدة ابو الحسن بني صدر اول وآخر رئيس جمهورية في عمر الثورة الايرانية بربطة عنق !!!!!!!. وبالتالي فان تحديد الباديء بالحرب امر عقيم بل انه امر تافه ولاجدوى منه لان الحرب هي حرب تصادم ارادات فكرية وايديولوجية واقتصادية تحكمها الجغرافيا التي تتلفع دوما بالتاريخ القديم او المعاصرقبل ان تكون لعلعة رصاص وفي مرحلة حرب الارادات لايوجد باديء لان الكل باديء والكل متهيء للحرب وفي صراع الديوك لايوجد باديء وفي الحروب الكلامية والاعلامية من الطرفين لايوجد باديء ,فالحروب جرائم الحكام وكلا الطرفين ساهما في اذكاء نارها باساليب لاصوت فيها للعقل والمنطق وانا هنا ساستعرض مقدمات الحرب في العراق والتهيئة النفسية للشارع العراقي لما سيحدث وهذا لايعني ان ايران لم تكن تتهيأ للحرب وتؤجج مشاعر شارعها فمن السذاجة القول بأن ايران فوجئت بالحرب عليها واطلاق مبررات من نوع ان ايران الفتيّة لم تكن تفكرفي نتائج الوصول الى نقطة اللاعودة مع نظام صدام الدموي او بمنطق ان ايران لايمكن ان تسعى للحرب وهي في بدايات ثورتها لانه منطق يوحي بان قرارات ايران كانت محكومة دوما بالمنطق والحكمة وهو امر لايوحي بالحيادية ولاينسجم مع منطق ومنطوق الاشياء على الارض آنذاك لان تصريحات قادة ايران في بدايات الثورة كانت تتسم بخلاف ذلك وابرزها تصريحاتها ضد البحرين والجزر الثلاث وهي التصريحات التي تنم وقتها عن قصر نظر الادارة الايرانية الفتية التي زاد تخبطها باحتلال السفارة الامريكية واشتعال ازمة الرهائن الامر الذي ساعد على ان يخوض صدام الحرب مطمئنا الى دعم الغرب له بأختصار فان المعركة كانت صراع ديوك ليس لها ابيض واسود لان الطرفان شاركا فيها بتسارع وكأن الطرفان كانا متشوقان لها وكأنها حتمية تاريخية في نظر الطرفين . فلم القادسية بين عزت الدوري وسعاد حسني!!! قبيل الحرب العراقية الايرانية في النصف الثاني من عام 1979قام صدام وجناحه الدموي في حزب البعث والاجهزة الامنية التي كانت تحت اشرافه بخطوات لايمكن لعاقل اعتبارها بريئة او انها مصادفاىت كما لايمكن ابعادها عن صورة مقدمات الحرب ,واولها ازاحة البكر عن السلطة في تمثيلية رديئة الاخراج سلمية الصورة مليئة بالعواطف والدموع في 17 يوليو(تموز) تبعها بعد خمسة ايام بتمثيلية دموية لاتقل رداءة عن سابقتها ولكنها كانت هذه المرة مليئة بالاشلاء والجثث التي تربع بعدها في حكمه البوليسي فيما سمي وقتها بمؤامرة محمد عايش في 22 يوليو(تموز) وتزامن ذلك مع التطبيل والتزمير لمعسكر عمل شعبي في العراق حمل اسما غريبا (ابطال القادسية!!!) كان هذا اواخر عام 1979 قبيل الحرب!!!وابدى التلفزيون العراقي اهتماما عظيما وغريبا باسم المعسكر(القادسية!!!!) وكان التلفزيون الرسمي يبث ليل نهار اخبار معسكر القادسية ولقاءات الشباب والشابات المشاركين فيه وزيارات المسؤولين للمعسكر وخصوصا زيارات صدام حسين المتكررة للمعسكر والتي كان يريد بها ترسيخ اسم تقرر اطلاقه على معركته القادمة مع ايران ومع مطلع ال1980 اشتد ترديد اسم القادسية في الابواق الرسمية بمناسبة أو بدونها الاجواء كانت مشحونة بعد الثورة الايرانية ولاسيما بعد التهنئة الحذرة التي ارسلتها الحكومة العراقية لزعيم ايران اية الله الخميني الذي كانت قد طردته من اراضيها ارضاءا للشاه قبل عام من نجاح الثورة ورد اية الله الخميني على برقية التهنئة بعبارات باردة لاتليق بالاعراف الدبلوماسية التقليدية اختتمها ب(السلام على من اتبع الهدى )!!!اتبعها ببرقية خطيرة بعثها الى الشهيد محمد باقر الصدر يأمره فيها بالبقاء في النجف رغم المضايقات ورفضه فكرة خروج الشهيد الصدر الى ايران وتعمد ارسالها علانية عبر راديو طهران (هامش:المشكلة هنا ان اية الله الصدر لم يكن ينوي الخروج اصلا وان البرقية التي سمعها من الخميني عبر الراديو اثارت حيرته (وفق رواية الشيخ محي الدين المازندراني !!!!!!اذ من اخبرآية الله الخميني بانه يريد الخروج اصلا ,وبالعموم فان الرسالة ادت الى اعطاء صدام حجة قويةلاعدامه على يد صدام الطاغية وبالامكان مراجعة الاستفهامات المحيرة حول الرسالة على الرابط ((http://www.alsader.org/vb/showthread.php?t=11832!!!! ناهيك عن التصريحات المنفلتة التي كان مسؤولون ايرانيون يطلقونها بين الحين والاخر عن تصدير ثورتهم وتقابلها تصريحات العراق عن مفهوم البوابة الشرقية . . في تلك الاجواء اشرفت المخابرات العراقية (باعتراف المصريين بعدذاك)على انتاج فيلم القادسية الذي حشد له منذ عام 1979 وعرض عام 1981نخبة من المع الفنانين المصريين واسند اخراجه الى احد المع المخرجين العرب وهو صلاح ابو سيف واوقعهم في فخ الدعاية الحربية المبكرة من خلال اسقاطات الفيلم التاريخي ,وساعد سخاء الانتاج والاجور المرتفعة في اسكات اي اعتراض ,وبرغم ان معظم المشاركين في الفيلم كعزت العلايلي والمخرج صلاح ابو سيف انكروا علمهم بغايات العراق عن انتاج الفيلم واستنكروا لما اسموه باستغلالهم في دعاية رخيصة (كذا!!!) الا ان مثل هذا الانكار كان سخيفا بكل المقاييس فالجو العام في العراق آنذاك لم يكن يخفى على الفيل ولا عن النملة من ان هنالك امر يخطط له كما اسلفنا. ففي اجواء فيلم القادسية وانكار الممثلين المصريين بمعرفتهم بما كان يراد به من الفيلم الذي كلف انتاجه 32 مليون دولار كأعلى تكلفة انتاج لفيلم عربي باستثناء فيلم عمر المختار 43 مليون روى لي احد مصوري فيلم القادسية حادثة ذات مغزى اثناء تصوير الفيلم تثبت كذب من يدعي انه كان غافلا عما يراد به من الفيلم حيث حدثني زميل رحلة الاسر الصديق العزيز (س.ع.م. العزاوي) ان عزت الدوري حضر في اثناء تصوير بعض مشاهد الفيلم في الحبانية وكان وقتها نائب صدام وكان المشهد الذي يتم تصويره يمثل محاولة سعاد حسني (فارسية الاصل في الفيلم) للتأمر على سعد بن ابي وقاص وجيوش المسلمين وفي المشهد تكشف شذى سالم (ممثلة عراقية قديرة)مخطط سعاد حسني وتهددها وتؤنبها بكلمات قاسية . كان عزت الدوري واقفا بجانب المخرج صلاح ابو سيف المشغول بمتابعة المشهد والمتوجس من حضور عزت الدوري الغريب ,وفجأة اشار له عزت الدوري بايقاف المشهد فلبّى صلاح ابوسيف الامربسرعة مستفهما فأمره عزت الدوري باعادة المشهد مع اضافة عبارة يجب ان تقولها الفنانة شذى سالم لسعاد حسني بمانصّه:مجوسية وستبقين مجوسيّة!!!!فبهت الممثلون وارتبك صلاح ابو سيف واصيبت سعاد حسني بالرعب رافضة اعادة المشهد لعلمها بمعنى ودلالة عبارة وستبقين مجوسيّة فاصرّ الدوري على الامر مهددا بكل لامبالاة بالغاء انتاج الفيلم (هكذا بكل بساطة)في حال اعتراض احد على اوامره وطبعا هرول صلاح ابو سيف لسعاد حسني واقنعها بالقبول ولم يكن الاقناع صعبا فميزانية الفيلم كانت 32 مليون دولار في عام 1979 اي مايعادل المليارات في ايامنا وطبعا لصلاح المخرج والعلايلي وسعاد حسني حصة الاسد وطز بالعراقيين هامش (نشرت المصري اليوم الصحيفة المصرية واسعة الانتشارمقالا عام 2007 فيه مانصّه(((( في عام ١٩٨٠ توصلت المخابرات العراقية إلي فكرة إنتاج فيلم ديني تاريخي مستوحي من معركة «القادسية» التي خاضها المسلمون بقيادة الصحابي الجليل «سعد بن أبي وقاص»، الملقب بحامي البوابة الشرقية للعرب والمسلمين، ضد جيوش الفرس، وكان الهدف من وراءه هو التمهيد للحرب التي شنها الجيش العراقي ضد إيران عام ١٩٨١، ومحاولة تشبيه صدام في هذه الحرب بالصحابي الجليل، وعلي أنه حامي البوابة الشرقية للعرب والمسلمين، خاصة أن حربه ضد إيران حملت نفس اسم المعركة الإسلامية. أبطال هذا الفيلم ـ الذي حمل اسم «القادسية» ـ كشفوا عن أنهم استغلوا جميعاً، وتم استخدامهم في أغراض غير فنية من جانب مؤسسة السينما العراقية ـ منتجة الفيلم ـ بتوجيه من النظام البعثي آنذاك، مؤكدين أنهم كانوا لا يعلمون أن وراء هذا الفيلم خطة لتبرير الحرب العراقية ضد إيران، وأن المسؤولين العراقيين خدعوهم. في البداية أكد الفنان عزت العلايلي بطل الفيلم الذي جسد دور «سعد بن أبي وقاص» أنه لم يكن علي علم بأن الفيلم كان موجهاً سياسياً خاصة أن إنتاجه كان قبل بدء حرب العراق ضد إيران. وقال العلايلي: عندما تم توجيه الدعوة لنا من مؤسسة السينما العراقية قررنا تشكيل فريق العمل من كاتب السيناريو محفوظ عبدالرحمن والمخرج صلاح أبوسيف والأبطال سعاد حسني وليلي طاهر وأنا ومهندس الديكور مختار عبدالجواد وأنس أبويوسف واتفقنا علي تقديم عمل تاريخي، ولم نتوقع أن يتم استغلالنا فيما بعد لصالح المخابرات العراقية وحزب البعث. وأضاف: قدمت الشركة المنتجة إنتاجاً ضخماً ولم تعبأ بتوزيع الفيلم حيث تم عرضه في سينما واحدة فقط بمصر وتحديداً بحي شبرا، وعندما ذهبت الشركة المنتجة لمهرجان «كان» أدركنا الهدف من وراء هذا العمل وهو ما أوجعنا جميعاً، حيث اكتشفنا أنه تم استغلالنا لخدمة المصلحة العراقية ضد إيران. وعن استخدام الأحداث التاريخية كإسقاطات سياسية علي الواقع قال العلايلي: هذا أمر مرفوض لاسيما أن ربط العمل الديني بالتحديد بأمور عصرية يعد نوعاً من الضحك علي الناس باسم الدين، ولذلك أعترف بأنني لا أفخر بمشاركتي في فيلم «القادسية» الذي تم استغلالنا فيه لدرجة أصابتني بالصدمة وقررت بعدها عدم زيارة العراق، وأذكر أنه حينما وجهت لي الدعوي لعرض مسرحية «أهلاً يا بكوات» هناك قدمت استقالتي وحمدت الله علي ذلك. وقال اسامة انور عكاشة: لا أعتقد أن المخرج صلاح أبوسيف كان فخوراً بهذا العمل بل أعتبره من أسوأ أفلامه علي الإطلاق، موضحاً أن أي عمل فني موجه سياسياً من حاكم ديكتاتور يأتي بنتائج ضعيفة. جريدة المصري اليوم مقال محاسن السنوسي 7-1-2007 «القادسية» فيلم شبّه صدام بـ«سعد بن أبي وقاص».. والقيادات البعثية استغلت ممثليه لتبرير الحرب العراقية ـ الإيرانية) . خلاصة الامر فأن الطرفان العراقي والايراني قد قاما باستدعاء الدين والتاريخ الاسلامي في تأجيج مشاعر العداء فحين جابههم صدام بوصف معركته ضد ايران بانها معركة القادسية بين العرب والفرس في ايحاء من انها بين العرب المسلمين والكفارالمجوس, جابهوه بتاريخ ابعد باستدعاء معركة الطف (كما سيأتي)واعتبروها معركة الامام الحسين عليه السلام ضد جيش يزيد!!!معركة الاسلام الصحيح ضد من شوهوا صورة الاسلام وواحدة بواحدة والبادي اظلم ....وهكذا كان التاريخ يعيد انتاج نفسه مرتين ..مرة بشكل مأساة ومرة بشكل مهزلة!!.
|
| | | |
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|