كان زهير ابو بجاد يسكن منطقتنا وهو يعمل بالسفارة الفلسطينية ببغداد وكان بيني وبينه علاقة متينه ولم يمضي يوم دون ان نلتقي او نذهب سويا الى مسجدنا وكان يتردد على مزرعتنا دوما فينتقي التمور العاليه الجوده من نوع البرحي والحساوي واصناف اخرى حتى بات يعرف الصنف الجيد منها فكان اذا ارد السفر الى الاردن لزيارة عمل ياتي الي لااجهز له صنف او صنفيين من التمور ياخذها معه الى هناك فتاتي سيارة السفارة وكان قد عرفني الى ابو علي سائق عزام الاحمد سفير فلسطين في بغداد ايام التسعينات كان ابو علي على طيبه اخلاق ابو بجاد مرح مبتسم يداعب الصغار بلطف حديثة في حين اقوم انا بنفسي بتحضير التمور بطريقتي التي تجعلها كتحفة فنية داخل سلال تسر الناظر اليها جاء ابو علي وابو بجاد ذلك اليوم صباحا الينا ولم تكن عادتهم فهم ياتون مساء دوما استقبلتهم كعادتي فجلسنا نحتسي اكواب الشاي فحدثني ابو علي قال لم ينم منذ امس وغصن الشجرة يصدر قرقعات فوق المنزل وهو يخشى ان يقع باي لحظة على المنزل اخذت علامات الاستفهام تدور في راسي من كلامه فلاحظ ابو بجاد خيوطها ترتسم على ملامحي فبادرني عزام الاحمد لم يخشى الموساد يوما بينما غصن الشجرة احدث له ارقا ومنعه من النوم عججنا سويا بنوبة ضحك وما ان هدات سئلته ولماذا تحدثني بذلك قال ابو علي اليوم حدثناه عنك وعن مزرعتكم فطلب مني ان ابلغك بمسالة الغصن وان احضر لمعالجته
توجهنا نحو منطقة المنصور حيث يسكن في شارع الاميرات قرب السفارة السودانية خرج علينا فسلم وشرح المشكلة وابدى حلولا كانه يخطط لعملية ضد الاحتلال الصهيوني ولاحظت على وجه ابو علي خيوط التبسم التي لايستطيع اضهارها فعكست بداخلي ضحكة مدوية بالكاد كتمتها
فنظرت الى غصن شجرة اليوكالبتوس الذي نمى جانبيا حتى وصل طرفه فوق سطح المنزل وهذا مااثار مخاوفه فوجدت انه لايمكنني قطعه باي صورة الا من خلال رافعه تشبه تلك التي تبدل من خلالها مصابيح اعمدة الشارع المعطوبه حيث يمكنني الصعود من خلاله وتقطيع الخصن الكبير على مراحل نظرا لحجمه وامتداده الكبير
وفعلا دخل منزله ثم خرج بعد دقائق وقال الرافعه قادمه فعلمت انه اجرى اتصالا وطلب رافعه تابعه لدائرة الكهرباء صعدت انا ومنشاري ذي المحرك في صندوق الذراع الذي اوصلني بالقرب من الغصن وتبعا لاشارتي لسائق الرافعه وبدات بالتقطيع حتى انتهيت منه فلاحت اشعت الشمس على نوافذ المنزل بينما تكدست الاغصان المقطعة على الحديقة كان اعصارا اصابها
كان ينظر الى العمل من نافذة غرفته ولما شاهد الرافعه تنزل بي الى الارض خرج وقدم لي كلمات الشكر والثناء بينما فتناولنا شئ من الحلويات والعصائر بصحبته في فسحة من الحديقة وتكلمنا عن امور النباتات بعدها ودعته مغادرا
تكررت زياراتي له لاكني كنت احرص على ان لا تكون بكثره لخشيتي من رجال المخابرات الذين لهم عيون بكل بقعه من العراق والابتعاد عن استدعاتهم واسئلتهم من اين تعرفه ومن الذي عرفك به ومن هذا القبيل من الاسئله التي تعد بالمئات وخصوصا وانا لي تجربه بهذا مسبقا يوم عملنا صفقة بيع تمور ايام التسعينات مع شخص هندي الجنسية يعرفه احد اصدقائي وكان يجب ان يذهب صديقي الى الامارات ليستقبله هناك ثم ياتي به الى العراق لاكنهم مان حطت الطائرة بمطار بغداد وجدوا رجال من المخابرات بانتظارهم هناك فاقتادوهم وعلمت ان الهندي جاسوس لصالح الاستخبارات الامريكية فاستدعينا جميعا وتم التحقيق معنا فخرجنا من هذه الورطة بفضل دعوات امهاتنا بينما الهندي اوقف ولانعلم ماحصل له بعدها
بعد هذه الحادثة بشهور جائني صديق فلسطيني الجنسيه يعمل بالسفارة الروسيه وله علاقات جدا قويه بهم بفعل عمله معهم قال ان مزرعتكم جميله وهو يعلم كونه يسكن منطقتنا وله مزرعه مهمله جدا قريبه عنا هو بهذا يعطي مقدمات لطلبه قال انه دعا لجنة اليونسكوم وهم لجنة التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل للعراق دعاهم لحفله تناول غداء ولم اجد اجمل من مزرعتكم عندها لم يدر في خلدي ان اسئله كيف توصل اليهم لاكن مشهد استدعائي لمبنى المخابرات كان امامي فرفظت طلبه رفظا قاطعا فدعاهم بمزرعته وسلمت انا من الاسئلة والاتهامات
ذهبنا الثلاثة عصرا لمنزله فانزلنا سلال التمر التي اعددها فاستقبلنا بالترحيب كعادته فحدثني عن بعض الزهور وقال ان بقي لنا عمر سنتقابل وان مهمتي ببغداد انتهت فلاحظت حدقات عينيه قد صغرت كان حزنا اصابها بعدها صمتنا فكاننا في حداد فاستاذنت منه بالخروج فمد يده وصافحني بحرارة فكان هذا اخر لقاء مع عزام الاحمد ولم اشاهده بعدها الا من خلال الاعلام ...