بمجرد أن خطوت خطواتي الأولى في فترة المراهقة ودخلت إلى عالم الإرتباط والحب، كانت أول علاقة لي حين كان عمري 15 عاماً وكان شريكي شخصاً يكبرني بعشرة أعوام. كانت له تجارب في الحياة أكثر مني، وخاصة فيما يخص الجنس.
منذ أول علاقة حتى آخر علاقة لي قبل أن أقابل شريكي الحالي، تعلمت شيئاً واحداً عن الرجال، وهو أن الجنس، كما كان يبدو لي، هو الوسيلة الوحيدة لإرضائهم. لذلك دائماً ما كانت علاقاتي تفشل لأني لم أكن الشخص المستعد لعلاقة كاملة في الجنس.
بالطبع، لم يقل أحدهم هذا بشكل صريح، ولكن دائماً ما يكون هناك تصريح ضمني بذلك. مثلاً وأنا عمري 21 عاماً كنت مخطوبة لزميلي في العمل، ولم يكن بيننا علاقة جنسية. بعد عام من خطبتنا تغير تعامله معي تماماً ثم اكتشفت أنه على علاقة بأخرى، ويعيش معها، وبينهم علاقة جنسية كاملة. في هذا الوقت، شعرت أن هذا الشخص كل ما يهمه في الحياة هو أن يحصل على الجنس من شريكته، وإذا لم تقم بتلك المهمة، فسوف يهملها ويبحث عن أخرى توفر له إحتياجاته.
كان الأمر مؤلماً للغاية وجعلني أتعامل مع كل الرجال على أنهم لا يريدون شيئاً مني غير جسدي، وتحولت من شخصية مسالمة واجتماعية إلى شخصية عدوانية في تعاملي مع الرجال، خاصة بعد أن تمت خطبتي مرة أخرى، وكان خطيبي يسافر الي بلد أجنبي معظم الوقت، ثم أكتشفت أنه على علاقة بأخريات في تلك البلد.
بعد تلك العلاقة، تحولت العدوانية إلى كراهية. شعوري الدائم أنّ كلّ ما يريده الرجال هو الجنس فقط جعلني أقوم بإبعاد أي شخص يحاول الإقتراب مني، حتى لو كان صادقاً في مشاعره. اختلط عليّ الأمر، وأصبحت أصدر أحكاماً مطلقة بأن كل الرجال يفكرون بنفس الطريقة، والأسوأ من كل هذا أني بدأت في الاقتناع أن الجنس شيء سيء، وبدأ يحدث لي تشوش قوي فيما يخص رغباتي الجنسية ما بين الرفض الذهني واحتياجاتي الجسدية، حتى قابلت شريكي الحالي وغيّر فكرتي تماماً عن الحب والجنس.
عندما قابلته للمرة الأولى، كانت معظم ردود أفعالي مماثلة لما أفعله دائماً من رفض وصد ولكنه كان صبوراً معي للغاية، واستطاع أن يقنعني أنه لا يريد جسدي فقط بل يريد عقلي وروحي أيضاً. الرائع فيما قاله أنه لم يحاول أن ينكر أن الجنس سيكون جزءاً مهماً ورائعاً من حياتنا، بل كانت وما زالت وجهة نظره أن الجنس هو ركن من أركان علاقتنا، والتي يجب أن تُبنى على الحب والعشرة والمشاركة في الأوقات الصعبة قبل الأوقات الجميلة.
بالطبع الكلام سهل للغاية، ويمكنه أن يقول لي أي شيء، ولكن مع الوقت، اكتشفت أنه يقوم بتنفيذ هذا الكلام بالفعل، ولم يربط عطاءه العاطفي وحنانه وإهتمامه بما أقدّمه له فيما يخص الجنس، ودائماً ما يحاول أن يخبرني أنني لست أداة جنسية يستخدمها لمتعته بل أنا انسانة من لحم ودم وهو يقدرني كشخص كامل.
مع الوقت، بدأت أكتشف معه أشياء لم أكتشفها مع أي شخص ارتبطت به من قبل، وهي "مشاركة الحياة"، وكيف يمكن لحياتنا ألا تدور حول الجنس فقط والتعليقات الجنسية طوال الوقت وإنتهاز أي فرصة للقيام بما هو متاح في الجنس، بل أن حياتنا أصبح فيها الكثير والكثير من الأحداث والهوايات التي نتشاركها سوياً، وجعلني أدرك أن الجنس ليس ممارسة سيئة أو مهينة للمرأة، بل بالعكس. اقتنعت أيضاً أن احتياجات جسدي الجنسية لا يجب أن تشعرني بالغضب تجاه نفسي. فهي شيء طبيعي مثل حاجتي للأكل والنوم.
قبل أن أقابل شريكي، لم أجرّب في حياتي أن أكون مريضة، ووجهي مرهق وغير جذاب وهناك شخص يجلس بجواري يرعاني ويعتني بي.
في المقابل، بالأوقات التي أكون فيها متألقة يمدحني ويدللني، وإذا كان مزاجي سيئاً دون سبب ولست مستعدة حتى للمسة يد، يبذل كل مجهوده كي يخرجني من هذا المزاج السيء دون أن يكون هدفه أي أغراض جنسية.
ما أحاول أن أقوله أن هناك بالفعل منطقة وسط رائعة وحميمية ودافئة عندما ينجح الشريكان في الموازنة بين الحب والجنس، وأن يكون الجنس لدعم هذا الحب وتقويته، ولا يكون السبب الوحيد للحب هو أن ممارسة الجنس مع هذا الشخص ممتعة، فهذا الهدف لن يستمر عندما تتقدموا في العمر وهذا هدف لا يسمح ببناء حياة حقيقية.
في خيالي، قبل أن أقابل شريكي لم أكن أتخيل أنه يمكن أن يوازن الإنسان بين الحب والجنس، وأن تقوم العلاقة على الحب في الأساس ويأتي الجنس ليكمل هذا الترابط، وهذا ما تشعر به بعض النساء بعد عدد من التجارب المؤلمة مع بعض الرجال الذين قابلتُ أشباههم على مدار حياتي.
لكل أمرأة بداخلها هذا الإحساس المؤلم، أقول أنها ليست مضطرة أن تعيش مع هذا الألم. فسواء أقابلتِ شريكاً أستطاع أن يجعل بينكم هذا التوازن أو لم تقابليه بعد، فيجب أن تدركي تماماً أن عليك دور هام أن تحققيه ايضاً، أن تعطي لنفسك وللشريك المناسب الفرصة الكافية لتفعلا ذلك، ولا ترفضيه قبل أن تتعرفي عليه جيداً حتى لا تضيعي فرصة العمر من يدك.