يرجع تاريخ هذا التقليد، حسب رواية بعض المؤرخين، إلى العصور الرومانية، حيث شهدت تلك الفترة اغتيالات وجرائم كثيرة، فكان الشخص الذي يرغب في مخاطبة أي ضابط أو عسكري، يرفع يده اليمنى ليثبت أنه لا يحمل سلاحاً، كما كان يستخدمها المسافرون عند التحية، حيث يشير الواحد منهم للآخر برفع يده اليمنى مفتوحة، تأكيداً على أنه أعزل لا يحمل سلاحاً، وليعلن أنه مسالم وليس عدواً محتملاً.
فيما يرى آخرون أن أصلها يعود إلى العصور الوسطى، عندما كان الفرسان يلبسون الخوذات الحديدية التي كانت تتميز بحجاب حديدي واقٍ للوجه، يرفع إلى أعلى لكشف الوجه، ويعاد لحمايته من دون إزالة الخوذة، وكان الجنود يرفعونه باليد اليمنى لتحية الضباط ولإثبات هويتهم. ثم تطورت هذه الحركة عند نهاية القرن الثامن عشر إلى لمس القبعة، ومن ثم أصبحت تؤدى التحية العسكرية برفع اليد اليمنى حتى مستوى الجبين، مع إبقاء اليد مفتوحة في وضع الوقوف، وبقيت معروفة بهذا الشكل حتي يومنا هذا . يقال إن التحول من نزع القبعة إلى مجرد رفع اليد في التحية حدث لسببين:
1ـ جمال الملكة
تقول الروايات إن التحية برفع اليد جاءت عندما هزم الإنجليز الأسطول الإسباني المعروف بـ"الارمادا" سنة 1588، حيث أصدر قائد الأسطول الإنجليزي، الأميرال السير فرنسيس درايك، تملقاً للملكة، أمراً للضباط والبحارة الذين ستوشحهم إليزابيث الأولى بأوسمة النصر والشجاعة، بضرورة وضع اليد اليمنى على أعينهم ورفعها قليلاً، حتى يحموا أعينهم من جمال الملكة الفائق الذي يذهب بالأبصار، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت تلك التحية من تقاليد الجيش عند رؤية تلك الملكة التي ماتت سنة 1603.
2 ـ سواد البارود
فيما تقول الروايات الأخرى إنه عندما كان الجنود يحشون بنادقهم بالبارود كانت البودرة السوداء تشوه أيديهم وتجعلها متسخة، وكان يتوجب عليهم بعد ذلك استخدام أيديهم المتسخة لنزع قبعاتهم للتحية، وبالتالي ستتلف وستكون مشوهة بشكل لا يليق بنظافة الجندي واهتمامه بمظهره، ولذلك حصل الانتقال إلى تحية اليد وصارت شكلاً متعارفاً عليه.
قواعد التحية العسكرية
تؤدى التحية العسكرية في بعض الجيوش برفع الأيدي على مسافة لا تزيد على 30 خطوة، ولا تقل عن ست خطوات وذلك برفع اليد اليمنى برشاقة إلى الجبهة، بحيث تشير الكف إلى أسفل وأصبع السبابة إلى حافة القبعة.
يرفع الساعد في زاوية مقدارها 45 درجة، ويجب على الجنود أن ينظروا مباشرة إلى الضابط حين يحيونه، كما يجب على الضابط أن يرد التحية إذا أمكن.
يجب على الجنود أداء التحية بغض النظر عما إذا كانوا يرتدون قبعاتهم أم لا، كما يجب على العاملين في بعض الأساطيل البحرية أن يرتدوا قبعاتهم أثناء أداء التحية. ويحيي البحارة على متن السفينة ضابطهم مرة واحدة في اليوم فقط، وذلك عند لقائه أثناء دخولهم السفينة ما عدا في حالات التبليغ أثناء فترة خدمتهم اليومية.
يؤدي الضباط والمتطوعون من العاملين التحية للعلم وللضابط المسؤول على ظهر السفينة حين يصعدون إلى سفينتهم وحين يغادرونها.
يجب على الجنود الذين يرتدون الزي العسكري الوقوف في حالة انتباه وأداء التحية أثناء أداء النشيد الوطني، وحين يرتفع العلم وحين ينخفض. كما يجب عليهم أداء التحية حين يمرون بالعلم أو حين يمر بهم في موكب، ويجب على الجندي الذي يركض أن يخفض سرعته لمستوى السير العادي قبل أن يؤدي التحية، ويجوز للجنود ذوي المستوى الرفيع وحدهم أداء التحية، أما السجين فلا يجب عليه أداء التحية.
تبنت بعض الأنظمة السياسية أشكالاً محددة من التحية التي يجب على الجميع أداؤها، ففي إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية كان المدنيون والجنود يؤدون التحية برفع الساعد الأيمن إلى الأمام في زاوية، بحيث تتجه الكف إلى أسفل. أما الروس والإسبان العسكريون والمدنيون فإنهم كانوا أحياناً يستخدمون قبضتهم في التحية باليد اليمنى. وتبنت بعض الأحزاب السياسية أحياناً مثل هذا النوع من التحية.
الرئيس أوباما.. تحية "ستاربكس" العسكرية
أثارت الطريقة التي أدى بها الرئيس الأميركي أوباما التحية العسكرية لأفراد الحرس الذين استقبلوه عند وصوله إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، موجة من الانتقادات الحادة .
فخلال وصوله إلى نيويورك بالمروحية التابعة للبحرية الأميركية "فورس ون"، نسي خلال خروجه من الطائرة أن يتخلص من كوب القهوة "ستاربكس"، وعندما حياه مشاة البحرية لم يملك سوى أن يرد لهم التحية العسكرية بكف يده اليمنى دون أن يتخلى عن كوب القهوة الذي كان يحمله في تلك اليد.
وأطلق المعلقون على هذه الحالة "تحية ستاربكس". واهتمت وسائل الإعلام بهذا الموقف، وعلق بعضها على أن أوباما أهان التقاليد العسكرية، بينما قال البعض إنه ينبغي ألا يرفع التحية العسكرية طالما انه ليس عسكرياً، ودللوا على ذلك بأن الرئيس الراحل، دوايت أيزنهاور، على الرغم من أنه كان ضابطاً في الجيش إلا أنه لم يكن يحيّي الجنود بالتحية .