انا اتقبل جسدي كما هو

أنا أتقبّل جسدي كما هو.. وأنا مصرة على أن أكون أقوى..
هذا ما صرحت به جانين موراي وهي بصدد البدء بساعة التدريبات البدنية اليومية التي تقدمها لطالباتها.. فيصغين إليها وهي تتلفظ الكلمات بحيوية وحماس وهي باسمة القلب والشفتين.. وقد حرصت دائما على أن تضع شعارا لكل درس يكون بمثابة الحافز وراء البدء بالتمارين والقيام بها بروح إيجابية عالية.. وتواصل حديثها بالقول: “تقبّلي الطريق إلى التغيير وتقـّبلي الالتزام به والجهد المبذول من أجل تحقيقه.. دعي جانبا فكرة حاجتك إلى التغيير الآن وبسرعة.. وتقبلي الرحلة كما هي.. فكلما حرصتِ على الاستمتاع بالرحلة أكثر كلما أسرعتِ في الوصول إلى أهدافك المرجوة منها.. وما سيتحقق من نتائج سيقودك بالضرورة إلى التفكير في هدف جديد.. وهكذا نصنع المعنى لحياتنا..”
ثم تبدأ بالتمارين البدنية والروحية معا.. وهو ما يجعل لدروسها نكهة خاصة لا تشبه سواها (من تمارين الايروبكس والتمارين السويدية المعتادة أو تمارين اليوغا والتأمل).. فقد حرصت على أن تقدم شكلا جديدا مبتكرا لفهم الجسد والتعامل معه فيزيائيا وروحيا.. وهو ما يعني أيضا اهتمامها الواضح بتقديم نصائح غذائية ووصفات شهية لأكلات بسيطة عملية وصحية جدا..
وقصة حياة جانين وحدها كفيلة بالدراسة واستقاء العبر.. فهي مليونيرة سابقة خسرت كل ثروتها بين عشية وضحاها.. وتخلى عنها أقرب الناس إليها.. مرت بصدمات وأزمات فقدان متلاحقة.. وبعد رحلة علاجية طالت بها بين المستشفيات والمصحات النفسية.. وعت لنفسها وكأنها ولدت من جديد بعد موت محقق.. واختارت أن تسير في طريق البذل والعطاء وراحت تكرس وقتها وجهدها لخدمة الآخرين متخذة من تجربتها الشخصية نبراسا ينير الدرب لمن ضل الطريق.. حتى أصبح موقعها الإلكتروني والدورات التدريبة التي تقدمها في الواقع وعلى شبكة الإنترنت واسعة الانتشار ذائعة الصيت.
وهاهي اليوم تتحدث بلغة تخاطب النفس والعقل والجسد معا.. تحدّث طالباتها عن مفهوم “حكمة الجسد”.. وكيف أن في داخلها (مثلما في دواخلنا جميعا)صراعا بين أصوات ثلاثة: صوت الطفلة وصوت المراهقة وصوت المرأة الناضجة.. ولكل منهن أفكارها وآراؤها.. وإنها إذ تقوم بفعل أي شيء إنما تنصت لآراء الثلاث معا.. حتى وهي تلتهم طعامها أو تقف في صف لدفع فاتورة أو إنجاز طلب.. أو إذ هي تقوم بتمارينها البدنية اليومية.. ومن ردود الثلاث تحاول أن تصل إلى حكمة خاصة بها وحدها وتصفها بأنها السمة التي تميز كل فرد عن سواه..
وتشرح جانين مفهومها عن الجمال وهي تقول بثقة “ليس مهما أن نكون نحيفات طويلات القامة مثل عارضات الأزياء لنكون جميلات.. المهم أن نكون جميلات واثقات من الداخل وأن نكون أصحاء العقل والنفس والجسد..”.
وتنهي كلماتها قبل بدء التمرين بالقول “فلنردد معا حكمة اليوم.. ولنغنيها ونعيد غناءها مع أنفسنا أو بصوت عال.. ولنكررها بقصدية وحماس واعتقاد راسخ.. ولنتنفس كلماتها بعمق بقلوبنا وأجسادنا.. رددن معي: أنا ممتنة جدا لقدرتي الهائلة على اختيار أفضل سيناريو يمكنني أن أتخيله لأصنع تفاصيل القادم من أيامي.. فوحدي وليس سواي من يستطيع أن يقرر كيف له أن يكون مستقبلي القريب والبعيد.. وكل ما علي فعله الآن هو أن أتقبل ذلك على أنه حقيقة دامغة لا جدال فيها..”.