مواقف من حياة احمد حسن البكر

احمد حسن البَكر في رفض إعدام عبدالكريم قاسم كم اورد الاديب العراقي الراحل مير بصري في كتابة اعلام السياسة في العراق الحديث انه بعد استسلام الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع أثر نجاح انقلاب 8 شباط 1963 ضده تم اعداد محاكمه سريعه له ولزملاءه وصدر الحكم بالاعدام باتفاق الجميع الا واحد هو احمد حسن البكر الذي طالب بعدم اعدام عبدالكريم قاسم لانة شهر رمضان وعبدالكريم كان صائما وانه ابدى التزاما عسكريا بان استسلم وهو بكامل قيافته العسكرية وحالق الوجه..طالب البكر من زعماء الانقلاب عدم اصدار حكم الاعدام لكن عبدالسلام عارف وعلي صالح السعدى رفضا طلب البكر وقالا له ان القيادة اجمعت على الاعدام  لكنَّ  النَّكر شارك في التَّآمر على قيادة وسيادة جمهوريَّة العِراق، خاصَّةً تسببه بترسيم صدّام إداريَّاً أعلى المناصب وعسكريَّاً لا مسلَكيَّاً منحَهُ رتبةً لا يستحقها. يروي حسين الحلّي عن صاحبه له وهو مدير مكتب ابن البكر محمد الذي قتل في حادث غامض على الطريق جراء اصطدام سيارته بشحانه متوقفة يقول انه كان في القصر مع محمد وتركه ليجلب بعض الاوراق وعندما عاد سمع النَّكر (الرئيس البكر) يتحدث مع ابنه محمد (يصرخ) ومحمد واقف طأطأ راسه باحترام لوالده وسمع صديقي هذه العبارة يقولها البكر لابنه ( لك انت شنو؟ انت وهذاك صدام نفس الشي؟ الله يستر ويساعد الشعب العراقي منكم اذا صرتوا عليه! روح سوى اللي كتلك عليه ولا اجادلني!). نُقل مدير المكتب عند مجىء صدام للسلطة ولم اسمع عنه منذ سنوات واتمنى ان يكون بخير. حكى لي وقائع عن البكر إذ أمضيت معه فترة المعايشة العسكرية شهرا في منطقة المشرح في محافظة العمارة خلال الحرب الايرانية- العراقية فتوثقت علاقتنا وكان رجلا وقورا طيبا يحب احمد حسن البكر وعائلتة و لم يكن راضيا عن الاوضاع في العراق ولا عن الحرب مع ايران.. يقول  ان البكر كان في زيارة الى مدينة بعقوبة وتجول هناك في البساتين المطله على النهر فلاحظ وجود مركبة نقل (عبارة ) راسية بجانب النهر لكنها كانت قذرة ووسخة ومهمله تعلوها الاترية والاوساخ فتعجب والتفت الى مظيفية متسائلا (لماذا تهملون تاركين هذه العبارة بهذا الوضع؟ انها تفيدكم في عبوركم النهر للضفة الاخرى) ؟ فتقدم احد الاشخاص وهمس في اذن مرافق البكر الذي قال له بعدها(سيدى هذه العبارة الدوله واضعة اليد عليها) فتعجب البكر وقال (الدولة تضع اليد على عبارة وما حاجة الدوله لذلك؟) هنا قال احد الرجال الموجودين (سيدى هاي العبارة مالت حامد قاسم اخو عبدالكريم قاسم)! دهش البكر وبدا على وجهه الغضب ورفع يده مخاطبا الموجودين (حييل!.. لهسه؟ من ذاك الوكت ولهسه واضعين اليد على املالكه؟) التفت بعدها الى مرافقة وقال بغضب (فورا اصدر امرا بالغاء الحجز على العبارة واعيدوهها الى اصحابها او ورثتهم وعوضوهم.. شنو هو انتقام؟ الله ما يقبل؟ حامد شنو دخله وشعليه بخبالات اخوه؟ وبعدين هو مات راح الدار حقة شنو نبقه ننتقم حتى من املاكهم؟ فوراً الغوا الامر!). يستطرد) بحكايته تلك ويقول ان الرئيس البكر عاد من رحلته لبعقوبة وقد اغضبته حكاية عبارة حامد وطلب من سكرتيرة الخاص البحث عن اهل او أي اقارب من الدرجه الاولي للزعيم عبدالكريم قاسم فوجدوا شقيقته وهي في حاله عوز وفقر فاصدر البكر لها راتبا تقاعديا واحتسبة باثر رجعي وفعلا صدر القرار في الجريدة الرسمية. المعروف ان مفاوضات بدات بين حزب البعث الحاكم والحزب الشيوعي العراقي لاجل التوصل الى تفاهمات بينهما وانتهت بقيام الجبهة الوطنيىة التقدمية في تموز عام 1973 ووقع البكر اتفاق الجبهة عن حزب البعث في حين وقع عزيز محمد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وقتها عن الحزب الشيوعي وسارت الامور بين الطرفين على ما يرام في السنوات الاولى التي تلت قيام الجبهه لكن الامور بدأت تاخذ انعطافات كثيرة تمثلت في حدوث كثير من المضايقات والاعتقالات والاكثر هو حوادث القتل او الاغتيال لكوادر وشباب الحزب الشيوعي مما عرف بحوادث التصفيات في الشوارع. يروي  "بعد مقتل محمد ابن البكر بقيت اعمل في القصر الجمهوري وكنت يومها مع قريب لي يعمل في مكتب البكر وذهبت معه للمكتب لاسلم على الرئيس ودخلنا مكتبة فوجدناه عصبيا يدخن بشراهه فاشر لي قريبي بطرف عينه فهمت ان اخرج وانتظر خارج المكتب وقفت عند الباب فسمعت البكر يصرخ قائلا (معقوله هذا اللي يصير؟ يعني نكعد نتفاهم وي العالم انوقع وياهم اتفاق وبعدين انكوم نعتقل ونقتل ابولدهم؟ هاي وين راح اتودينة هاي التصرفات؟ منو بعد راح يثق بينة ويتعاون ويانه اذا نغدر بيه ثاني يوم؟)!.
يستطرد قائلا لي بانه لم يفهم عمن كان البكر عصبيا ثائرا يتحدث ومن يقصد بحديثة.. وبعد اكثر من نصف ساعة خرج قريبي من مكتب البكر وتحركت معه وقلت له:" لماذ ا الرئيس عصبي مو زين على صحته " فقال قريبي (صدام!.. أبد ما يكعد راحة.. الرئيس مقهور منه لان ديصير اغتيالات وتصفيات واعتقالات باعضاء الحزب الشيوعي والشايب عصبي يكول احنه موعدنه وياهم اتفاق ليش هيجي صدام دا يسوي.. الشايب يشك بان صدام وجماعته ورا هذا اللي يصير بالشيوعيين)!. كانت كلية العلوم تقع في حي الاعظمية قرب ساحة عنتر واراد البكر ان يزورها للاطلاع على احتياجات الطلاب والكلية واوضاع الهيئة التدريسية وعند وصوله استقبلته مجاميع من الناس في الشارع ومدخل الكلية تهتف بحياة الحزب والثورة فحياهم مبتسما ثم دخل الى الكلية متجولا في اقسامها يرافقة العميد وعدد من الاساتذة الذين اخذوا يشكون له عن اوضاعهم فهذا الذي لا يستطيع الحصول على ارض وهذا الذي يريد منزلا واخر يريد سيارة مال كفاءات.. الخ.. فضجر البكر وصاح بهم انه جاء لمعرفة احتياجات الطلاب والكلية ومعرفة مستوى التعليم لا البحث في احتياجاتهم الشخصية! وغضب وقطع الزيارة وهم بالعودة وعند خروجه من بناية الكلية الى مدخل الكلية الخارجي كان هناك صفين من الناس والمحيين والطلاب يحيونة وهو متجهم الوجه يحيهم فجأة قفز شخص من بين الناس ووقف امامة صائحا (اُمّه عربية..) لكنه لم يكمل جملته اذ قاطعه البكر صائحا به (انجب!.. اُمّه) ثم اشاح بوجهه وتوجه نحو سيارته مغادرا بغضب!.من الحوادث الطريفة التي تحكى عنه انه مره كان في زيارة الاتحاد السوفيتي السابق لاجل التوقيع على رافعات شوكية عملاقة ( كرينات) وتم عقد صفقة بعدد من الرافعات مع الروس وفي نهاية السفرة قدم له السوفيت سيارة ليموزين خاصة كهدية شخصية له فسألهم : كم تساوي هذه السيارة؟ فاجابوه: هي لا تقدر بثمن هنا لانها مصنوعة خصيصا لروساء الدول فسألهم: يعني تساوي سعر فد رافعة من التي اشتريناها منكم بموجب العقد؟ فقالوا له لا.. تساوي ثمن 2 رافعات !.. هنا انفرجت اسرار البكر وقال لمظيفية الروس:" خذوا السياره الليموزين واشكركم واعطوني مقابلها 2 كرين"ّ! ففعل الروس وقال له احد مرافقيه خلال العودة بالطائرة من الوزراء سيدي هدية السياره حلوة اتلوكلك اشلون كشخة ليش رجعتهه؟ فاجابة البكر (ولك اني شاسوي ابسيارة اليموزين الخاصة؟ ليش ماعندي سيارة اتوديني واجيبني بالعراق ؟ الكرينات الاثنين الزيادة اهم للبلد من كشخة الليموزين)!. كان البكر معجبا بدول الكتله الاشتراكية والسوفيت فاكثر من تعاونه معهم في بداية سيطره حزب البعث على السلطة في العراق فاعترف بالمانيا الشرقية ليكون العراق اول بلد بعد المنظومة الاشتراكية يقيم علاقات مع المانيا الشرقية ثم اعترف ببنغلاديش التي وقف معها الاتحاد السوفيتي السابق في الحرب الهندية الباكستانية والتي انفصلت عن باكستان وكانت العراق الدوله العربية الاولى التي اعترفت بها. ولم يقتصر الامر على هذا بل وقع البكر اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع السوفيت ودول الكتله الشرقية فجلب للعراق السيارات والجرارات والمعدات الكهربائية والزراعية ومحطات توليد الكهرباء وانشاء اساطيل ملاحية بحرية مشتركه لصيد الاسماك مع الروس وغيرها من مجالات التعاون . كان البكر يحب ويثق بدول المنظومة الاشتراكية وكان لا يحب التعامل مع دول الغرب كفرنسا وبريطانيا وايطاليا وكان يرى فيهم خبث ونوايا الاستعمار القديمة وربما النشأة الحياتية والبيئية التي ولد وعاشها البكر فيها هي من شكلت توجهاته الطبقية والاجتماعية فالمعروف عنه قبل انقلاب عام 1968 انه كان من عائلة بسيطة من الطبقة المتوسطة وكان يسكن دارا بسيطة في حي الطوبجي في بغداد ويقال ان في داره وفي فناء الحديقة كانت هناك بقرة وماشية ترعاها زوجته البسيطة هي الاخرى وكانت تحلب الحليب وتقدمة له ولم تتغير سلوكيات حياته حتى بعد ان اصبح رئيسا فبقي يطلب حليب البقرة ويدخن سيجارة اللف ولم يعرف عنه انه امتلك قصرا او حتى منزلا بعد الانقلاب. كما هو معروف فان رئيس الجمهوري يجب ان يصادق على احكام الاعدام التي كانت تصدرها محكمة الثورة وكالعادة جاء مسؤول في محكمة الثورة هو مسلم الجبوري جالبا كتابا بقائمة مسجونين صدرت بحقهم احكاما بالاعدام لاجل ان يوقعها البكر ويصادق عليها.. كان مسلم في مكتب البكر واقفا بالاستعداد العسكري والبكر جالسا امامه على مكتبة يطالع الاسماء وكان يسأل مسلم الجبوري على كل اسم قائلا : " هذا ليش اتريدون اتعدموه ؟ " والجبوري يشرح له التهم والاسباب الى ان وصل الى اسما سأل البكر كعادته " وهذا ليش اتريدون اتعدموه؟ " اجاب الجبوري :" سيدي هذا ساب (شتم ) السيد رئيس الجمهورية " ! صمت البكر وظل ماسكا بقلمه الحبر واوطأ راسة ونظر الى مسلم الجبوري من وراء عويناته الطبيه قائلا" اتعدموه لان سب رئيس الجمهورية "؟ اجاب الجبوري: نعم سيدي ! هنا انتزع البكر العيونات من على وجهه ووضعها على الطاوله وقال متحسرا متنهدا لمسلم : " وليدي مسلم هو اللي خلق رئيس الجمهورية العراقيين يوميية يسبوه ويكفرون بيه فد مليون مره..بعد جاي على هذا اتريد اتعدمه لان سب رئيس الجمهورية؟ يعني على هذا الحجي احنه لازم نعدم نص العراقيين اذا علمود يسبون رئيس الجمهورية والقيادة ..! وليدي يطلق سراحه فورا وما اريد بعد هيج احكام على الناس ابدا" ! . يقول  في زمن البكر لم يعدم ويعاقب ولا شخص بعد تلك الحادثة بسبب سب رئيس الجمهورية او شتمه لكن عند مجىء صدام للحكم اعاد العمل بهذه العقوبة !.

بدأت ازمة مياة شط العرب جديدة بين العراق وايران بعد 17 تموز 1968 باشهر وحدثت توترات بين العراق وايران تمثلت بعمليات صغيرة محدودة على حدود البلدين حيث كان الايرانييون يقومون بالانزال على مرافق الحدود العراقية ويعتدون على الجنود والضباط مما دفع العراقيين الى الرد بالمثل فقامت قوه محموله جوا بانزال خلف الخطوط الايرانية ودمرت موقعا ايرانيا وقتلت جنودا ايرانيين لكنها لم تفلح بالعودة اذ هاجمتها قوات ايرانية كثيرة مما ادى الى مقتل المجموعة العراقية.. ومرت سنوات حتى اتفاقية عام 1975 ومن ضمن الاتفاقية اخبر الايرانيين نظرائهم العراقيين ان هناك جنودا وضباطا عراقيين قتلى في المنطقة الحرام منذ سنوات اذا ارادوا استلامهم وفعلا جلبت الجثث او ما تبقى منها وسلمت للعراقيين باكياس! عندما سمع البكر بهذا الموضوع غضب وحزن كثيرا وقال (منذ ذلك الوقت وهم في المنطقة الحرام؟ اي دين هذا عند شاه ايران بأن يترك امواتا مسلمين دون دفنهم؟) كانت تلك الحادثة هي ما كرهت البكر بشاه ايران فلم يلبي كل دعواته بعد اتفاقية 1975 لزيارة ايران وبقى دائما يدعوه ب (الشاه الكواد) عند الحديث عنه!. بدات احداث الثورة الايرانية بمظاهرات مدينة تبريز ومشهد وباقي المدن الايرانية والتي كان يقودها اليسارالوطني الايراني ممثلا بالحزب الشيوعي الايراني ومنظمة مجاهدي خلق اليسارية و منظمة فدائي خلق التروتسكية والليبرالييين اضافة للاحزاب القومية كالجبهة الوطنية بقيادة سنجابي وغيرهم لكن الاحداث تغيرت بعداها ليقود الثورة والاطاحة بالشاه اية الله الخميني وليؤسس حزبا اسلاميا هو حزب الجمهورية الاسلامي.. يقول صديقي مدير مكتب محمد احمد حسن البكر ان الرئيس البكر كان من اكثر اعضاء القيادة في العراق فرحا ومبتهجا بسقوط الشاه الذي كان يكرهه حيث كان مسرورا ويكثر القول لضيوفه ولاعضاء القيادة الاخرين (الله خلصنة من الشاه الكواد)!. سارع البكر ليرسل برقية تهنئة للخميني بنجاح الثورة متمنيا للشعب الايراني السير على طريق الحرية والرفاه لكن البكر وبعد اشهر اخذ يمتعض من تصرفات صدام خاصة باكثار -اي صدام- من عمليات تدريب واسعه للجيش الشعبي ولكوادر الحزب وكثره تهجم الاعلام العراقي الذي يشرف عليه صدام على النظام الجديد في ايران .يقول : حدثت واقعه خطيرة اوائل شهر تموز 1979وقتها اذ دخل سكرتير ومرافق الرئيس وقتها طارق حمد العبدلله على مكتب الرئيس البكر ليشاهده في قمه الغضب والهيجان وتحت يده ملفات كان يقرأها ثم خاطب الرئيس طارق حمد العبدلله صائحا: "هذا صدام شيريد يسوي من وره هاي التدريبات وعمليات التعبئة العسكرية مال الحزب والجيش الشعبي؟ شنو يريد يسوى حرب وي ايران؟ احنه ماصدكنه خلصنه من الشاه الكواد اللي جان امهدد امننا؟ شعب وسوة ثورة واختار طريقه احنه شعلينه بيهم؟ هذا ما اريده يبقة بعد عنده اي صلاحيات ومنصب هسه تصدر امر باعفاءه من كل مناصبه واتعينة سفير بالخارج ما اريد اشوفه كدامي بعد"!. يقول تفاجأ ودهش طارق الحمد العبدلله من كلام الرئيس واحتار وبينما هو خارج من مكتب البكر التقى صدام وجها لوجه فانتبه صدام لوضع طارق الحمد العبدلله فساله خير رفيق طارق؟ تردد طارق وكان معروفا عنه بالضعف والخوف والطيبة فقال لصدام " رفيق ابو عدي ماعرف الشايب صاير عصبي وانطاني امر اني محتار بيه "!. ساله صدام اي امر؟ فقال له انه طلب مني ان اصدر امرا بتعينك سفيرا ولا اعلم ماذا افعل؟ ابتسم صدام ابتسامته المعهودة وقال لطارق " لا تفعل اي شي انا اعلم واقرب للشايب وهو عصبي هسة راح ادخل عليه واهدأ من اعصابه" يقول : بعد حوالي 10 ايام من هذه الواقعه والتي حكاها طارق ايضا لقريبي الذي يعمل في القصر الجمهوري.. تنازل البكر عن رئاسة الجمهورية وكل مناصبة لصدام ! بعدها اجريت تغيرات في موظفي القصر الجمهوري فتم ابعاد ونقل كل من كان يعمل ومحسوبا على البكر فتم نقلي من القصر ونقل قريبي ايضا!.
موضوع مشابه
كلمات الامس واليوم