الشاي والأتراك أمران لا انفصال لهما, ومؤكد أن كل من زار تركيا قد شرب الشاي التركي الشهير بكاساته المخصَّرة ذات الحواف الناعمة التي لا تستوي حياة الأتراك بدونها ولا تستقيم.
ولكن، لماذا هذا الشكل المخصَّر للكاسات؟
الواقع أن ليس لدينا جواباً شافياً، لكن هناك عدة أقوال وفرضيات، نعرضها عليكم أدناه.
الرأي الأقوى يربط بين شكل كأس الشاي المميز وزهرة التوليب (الزنبق)، رمز الإمبراطورية العثمانية والتي لا تزال حاضرة بقوة في تركيا، إذ ينظم مهرجان سنوي لهذه الزهرة الجملية في شهر نيسان/أيار.
رأي آخر يربط بين شكل الكأس وثمرة الأجاص، فهل هي مصادفة أن يطلق على هذه الكؤوس في أذربيجان اسم “أرمودي” أي أجاص (وهي أرموت، باللغة التركية).
سهولة الإمساك بالكأس
رأي ثالث يقول إن الموضوع يتعلق بسهولة الإمساك بالكأس وبحرارته في المناطق الباردة. فالقسم العلوي من الكأس، العريض، يسمح للشاي أن يبرد بسرعة، بينما يبقى الشاي في القسم السفلي، الضيق، ساخناً. وبهذه الطريقة، يمكننا أن نبدأ باحتساء الشاي على مهل دون أن يبرد دفعة واحدة.
بعض الخبراء قالوا إن شكل الكأس شبيه ببعض الجِرار القديمة وربما جاء للاحتفاظ بنكهة الشاي كما تحتفظ جِرار الخمر بنكتها. ولذلك أيضاً يحتفظ قعر هذه الكؤوس بنكهة الشاي حتى آخر نقطة.
وللشِعر تفسيره أيضاً؛ إذ يرى بعضهم أن شكل الكأس يذكِّر بجسد المرأة. ويدعم هذه النظرية اسم الكأس باللغة التركية ince belli bardak الذي يعني حرفياً “الكأس ذات الخصر النحيل”.
الواقع أننا نجد أثراً لهذه الكأس في لوحة “السماور” للفنان التركي خوجة علي رضا أفندي (1858-1939)، التي رسمها منذ حوالي 90 عاماً. كما نعلم أنه كان يوجد في محلة بايكوز (إسطنبول)، بداية القرن الماضي، مصنعاً للزجاج وأنه أول من اخترع وسوَّق الكأس بدون يد تمسك بها وبدون قاعدة للصحن تحتها. لقد أصبح شكل الكأس عملياً أكثر وبات الإمساك بها في راحة اليد أريح.
أما عن رِقة الزجاج، فإن رنة تحريك السكر بالملعقة الصغيرة على حوافه، يضفي جواً من الحميمية لا يعوَّض في جلسات الأصدقاء والأحباب.