التراحم والرحمة بين الناس فى الكتاب والسنة
[rtl]أن التراحم والاتصاف بصفة الرحمة قيمة أخلاقية، ومبدأ من المبادئ الكلية، وسمة حضارية؛ لها أثرها البالغ في الحياة الاجتماعية، ودورها الكبير في إشاعة روح التضامن والتكافل والترابط بين الناس. وهو من أهم أسباب ترابط المجتمع الذي يشبه البنيان في تماسكه وتلاحمه، ففي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وزاد البخاري: ثم شبك بين أصابعه..".[/rtl]
[rtl]وفي صحيح مسلم:"مثل المومنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[/rtl]
[rtl]ففي الحديث تنبيه إلى أن التراحم بين المؤمنين من أهم مظاهر الوحدة ووصول الأمة إلى تحقيق مفهوم الجسد الواحد، مع التوادد والتعاطف.[/rtl]
[rtl]فالإسلام دين التراحم والتعاطف والإنسانيات، يراعي أحوال الناس وحاجاتهم، ويدعو إلى التعاون والتعاطف والتلاحم بين أفراد المجتمع حتى يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. ومن أجل ذلك لم يكتف الإسلام بما فرضه من عبادات فيها من التضامن والتعاون ما فيها، بل إنه إلى جانب العبادات المفروضة، شرع عبادات أخرى مستحبة مثل الصدقة المتطوع بها، ومثل الحث على مساعدة الجار المحتاج حتى ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم».[/rtl]
[rtl]بل جعل النوافل والتطوعات تصل بمن يستكثر منها ويحافظ عليها إلى درجة محبة الله تعالى له، ففي الحديث القدسي قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه» رواه البخاري.[/rtl]
[rtl]وإلى جانب النوافل والأمور المتطوع بها، راعى الإسلام جانب الدين والدنيا والجسد والروح، فكما دعا إلى العبادة والتقرب دعا إلى إعطاء البدن حقه في الاستمتاع بطيبات الحياة الدنيا من الأمور التي أحلها الله.[/rtl]
[rtl]ونرى اصحاب الرسول يقولون له ونحن عندك تذكرنا بالجنة والنار وكأننا نراها وعندما نغادر نلهو مع زوجاتنا وأولادنا ونلعب وننسى ما ذكرتنا به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عليه عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ساعة وساعة، ساعة وساعة» رواه مسلم.[/rtl]
[rtl]وهكذا نرى أن الإسلام راعى جانب البدن كما راعى جانب الروح وراعى جانب الراحة والاسترواح للنفس وهو من الجوانب الإنسانية المهمة. ومن الجانب الإنساني في الإسلام: قضاء حوائج الناس، وحل مشكلاتهم وتفريج كروبهم. ففيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»، فالجزاء من جنس العمل، والإنسان المسلم الذي يخف لنجدة أخيه المسلم، فيسعى في حاجته يكون الله معه، وفي حاجته يعينه حين يكون في حاجة إلى العون، وإلى من يأخذ بيده وأما الذي لا يكترث بحاجات الناس، ولا يعاونهم في شدائدهم، فهو بعيد عن عون الله له، وتفريجه لكربه وشدته.[/rtl]
[rtl]ـ ولتأكيد الجانب الإنساني في الإسلام، جعل الله سبحانه وتعالى مرجع الخلق جميعاً إلى أبوين فقال جل شأنه: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» سورة الحجرات 13.[/rtl]
[rtl]
والويل كل الويل من الله لمن لا يخف ولاينهض لنجدة أخيه وهو قادر، أن الله تعالى يتخلى عنه كما تخلى عن أخيه المسلم في شدته، فما بال أولئك الذين يوقعون غيرهم في الشدائد، ويسعون بين الناس بالشر والفساد لا شك أن نهايتهم أليمة وعاقبتهم وخيمة.-----------[/rtl]