من الجيد أن ارتب الأفكار في رأسي، الفوضى تؤلمني عدم الشعور بالإرتياح يؤرقني لقد وضع الشيطان توقيعه على غشاء الزهرة من سيقطفها أولا وبأي لون سوف تنزف،الساعات والدقائق التي تمر لا أفكر في عودتها مرة أخرى ..
فراش في غرفة وردية أو هكذا اخبروها، ثوب أبيض مرصع بالنجمات انه عرس الملائكة على غيمات الرب المتكأة على أرصفة الأرض،ثمة سعادة مؤلمة وأخرى تبحث عن الألم. .
صباح يوم الأربعاء ..هواء فبراير مغلف برحمة الثلج، التسكع بالشوارع في الصباح الباكر يمنحني فرصة جيدة لرؤية المشردين النائمين على الأرصفة والملتصقين بجدران البنايات الباردة وكأنهم يتدفئون بالبرد .صوت العلب المعدنية وهي تركض بجانب صناديق القمامة بفعل الريح يشعرني انني في مدينة مهجورة ،شجار القطط على عظمة أعتقد أنها من فخذ دجاجة دائماً يغتصبون الدجاج ف للبشر اللحم وللقطط العظام..
خلف أحد البراميل من أمام بناية مازالت تحت الإنشاء سمعت صوتها، إحداهن أكل البكاء صوتها إقتربت للحد الذي يسمح لي برؤيتها خوفها منعني من الإقتراب أكثر
وبصوت هادىء لا يخدش الرعب داخل قلبها سألتها:
- ما الذي اصابك؟
كان البكاء كالرجل المتسلط الذي يفرض أوامره على عيناها ولسانها لم يكن ب استطاعتها الإجابة ،ولكن ثيابها تخبرني أن أحدهم غرس أنيابه في خصرها، اقتربت خطوتين واخبرتها ألا تخاف فأنا هنا لمساعدتك فقط بعد وقت قصير هدأت أنفاسها وبصوت اهلكه البكاء قالت:
- لقد كذب علي ،كذب على قلبي أخبرني أننا سنعيش سعداء لم أشعر بالفرحة سوى معه لقد قتلني ولا أريد العودة إلى بيت أهلي سوف يقومون بقتلي مرة أخرى أرجوك خذيني معك لا أعرف أحد هنا انا لست من هذه المدينة...
في تلك اللحظة شعرت أن الرب يبعث لي رسائل من السماء هل يعقل ان ارى هذه الفتاة قبل عرسي بيوم واحد ،شعرت أن رأسي توقف فجأة عن التفكير كنت ذاهبة لشراء أغراض ليوم الزفاف ومن المفترض أن أعود للبيت بالشموع المزينة ،كيف لي أن احمل شموعي في يد ويدي الاخرى تعانق فتاة مغتصبة ..
لايوجد لدي وقت للتفكير فبعد قليل سيزدحم الشارع بالذاهبون إلى العمل ،والعودة إلى البيت ليست بالفكرة الجيدة إلتقطت هاتفي من جيب سترتي وايقظت صديقتي من نومها لن يضرها شيئا اذا تقدم موعد لقائنا ساعتين :
- علياء أريدك بجانبي لدي مشكلة كبيرة ،اسمعيني أولا احضري معك ملابس وحذاء .
- هل انت بخير ما الذي حدث أخبرتك الا تخرجي من البيت في هذا التوقيت هل....
- انا بخير لا تقلقين ،سأنتظرك في الشارع الخلفي بعد البناية الثالثة الموازية لبنايتنا اسرعي أرجوك. .
أغلقت الهاتف وأخذت نفس عميق الهواء بارد ويلفح مخيلتي بالأفكار السيئة كانت عيناها تقول الكثير ولهدم حاجز الكلام بيننا سألتها :
- ما أسمك
- انا اسمي شمس ،اسمي شمس
- الله اسمك جميل ياشمس انا نادين
- انت تعملين لذلك خرجتي في هذا التوقيت المبكر
- بصراحة لا انا لا اعمل ولكن كنت ذاهبة لشراء بعض الأغراض من مكان بعيد ،كيف انت الان ؟!
- لا أعرف ،أشعر أن الدنيا وضعت كل مالديها فوق رأسي
في تلك اللحظة توقفت علياء بسيارتها جانبنا وانقظتني من أبجدية المواساة التي لا أتقن نطقها كانت علامات الإستفهام والقلق والدهشة تحتل ملامحها أشرت لها ب رأسي كي لا تسأل اخذت شمس من يديها وفتحت لها باب السيارة الخلفي لتجلس أغلقت الباب وجلست انا بجانب علياء ،اخبرتها انني سأحكي لها كل شيء وطلبت منها أن تقف أمام أي فندق لنستخدم دورات المياه بالداخل ،كانت شمس في حالة يرثى لها أحضرت لها بعض المناديل والمياه لتمسح وجهها وتحاول تنظيف نفسها قدر الإمكان حتى نستطيع دخول الفندق، توقفت علياء ونزلنا أمام الفندق الذي تعمل فيه كمديرة للعلاقات العامة واخبرتني أن هكذا أفضل حتى لا يضايقنا أحد ف شمس مازالت في حالة مزرية ، ذهبت علياء لمكتبها لتحضر بعض الأوراق وذهبت انا وشمس لدورات المياه طلبت منها أن تستحم وتقوم ب تغيير ملابسها امضينا أكثر من خمسة عشر دقيقة وأصبحت شمس نظيفة تماماً ولكنها مازالت تعاني من الداخل فلم يستطيع الماء التسلل عبر مسامات جلدها ليغسل روحها..
كنت أفكر وماذا بعد ؟
دخلنا مكتب علياء وجلسنا طلبت لي القهوة وطلبت لشمس كوب من الحليب الساخن وبعض الطعام ،وضعت كثير من الأوراق أمامها ثم نظرت لي وسألتني:
- نادين أريد أن أعرف كل شيء ،ما الذي حدث ؟!
أخبرتها بكل ماحدث فالمسافة بين المكتب والاريكة التي تجلس عليها شمس لم تسمح لها بسماع الحديث الذي يدور بيننا وبعد اخبارها غضبت وقالت بصوت مسموع:
- علينا أن نخبر الشرطة كيف له أن يفعل فيها كل هذا
في تلك اللحظة سقط كوب الحليب من يد شمس وقالت باكية انا لا اريد الشرطة أرجوك سيقومون بإعادتي لبيت أهلي وحتما سيقتلوني اتوسل إليك وجهشت بالبكاء
وهنا قالت علياء: أنها مسؤلية كبيرة وعندما يصل أهلها اليها سيتهمونك بخطفها أو بأي شيء آخر وعرسك غداً هل نسيتي أم ماذا ؟؟!
كنت أعلم حجم المسؤلية التي اقحمتني فيها الصدفة جيداً، ثمة وقت لايعطي لك سوا خيار واحد اما ان تفعله أو تفعله كنت أشعر حينها أنني سوف أعيش ذات اللحظات المرعبة التي عاشت فيها شمس ولكن بطريقة اخرى وبينما انا اغرق بين أمواج الأفكار الشرسة وشمس غارقة بين دموعها طلبت علياء الشرطة لتتولى أمرها وتنتهي مهمتي عند هذا الحد...
بعد ذهاب شمس مع الشرطة ونظرتها لي المملؤة بالعتاب وكأنها تقول لي لما فعلت هذا بي ؟! شعرت ب الوجع من اجلها كيف سيكون مصيرها هل سيقتلها حقا أهلها كما تقول ؟؟
وهنا يأتي صوت علياء كالسيف الذي يقطع الوقت:
-نادين تأخرنا كثيراً أظن أنه علينا إحضار الشموع والحناء هناك أشياء كثيرة يجب علينا فعلها يا عروس...
كانت تلك الكلمة كالرصاصة التي اخترقت الرصيف الذي اقف عليه ثمة زلزال حدث في رأسي وانا أردد بصوت عال
- لا أريد الزواج ،لم أعد أريد ومجرد التفكير فيما حدث يصيبني بالغثيان لم أكن أعلم أن هذا الصباح سيبدأ بكل هذا السوء جاءت شمس من أعمق الأعماق لتخبرني أننا جميعنا دجاجات....
- نادين بربك إهدئي، اتوسل إليك دعينا نذهب لمكان آخر أو.....
- كان يجب عليها أن تتعلم كيف تستخدم البندقية ومتى تطلق الرصاصة وأين تصوبها. !!!!!
