قالوا لي هل تريد أن يكون الإسلام مصدراً من مصادر التشريع ، فقلت لهم نعم ولكنى أريد ذلك الإسلام الذى أعطى للإنسان حرية الفكر واختيار العقيدة فقال ”فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” قرآن كريم (18- 29). قلت لهم إني أُريد إسلاماً لا يُكره أحد على أداء شعائره كما قال القرآن الكريم ”لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى” قرآن كريم (2- 256). أُريد إسلاماً يُقِيّم الناس بالمحبة التي في قلوبهم وليس ذلك الإسلام الذى يُقيمهم بما يلبسون فالله تعالى قال في كتابه العزيز ”يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم” قرآن كريم (26- 88).
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يحنوا على المسكين واليتيم والأسير أيّاً كان دينهُ أو عرقه أو عقيدته فقد قال تعالى ”ويطعمون الطعام على حبهِ مسكيناً ويتيماً وأسيراً" قرآن كريم 76 – 8) ولم يقل ويطعمون المسكين المسلم أو اليتيم المسلم أو الأسير المسلم فقط.
نعم أُريد إسلاماً يُدافع أتباعه عن كنائس ومعابد غير المسلمين كما يدافعون عن المساجد فالله تعالى هو القائل ”ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها أسم الله كثيراً” قرآن كريم (2- 251).
نعم أُريد إسلاماً يعلوا بالتواضع ويسموا بالرحمة والمغفرة لا باللعنات والكبر فالله تعالى هو القائل ”وقل ربى اغفر وارحم وأنت خير الراحمين” قرآن كريم (23 – 118).
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يتعبد أتباعه مع أهل الديانات الأخرى ويصلون معهم كما قال تعالى ”وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى ولا تعدوا عيناك عنهم” قرآن كريم (18 – 28) فلم يقل القرآن وأصبر نفسك مع الذين يدعون ”ربك” بل قال ”ربهم.”
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يشهد أتباعه بالحق والصدق ولو حتى على أنفسهم كما قال ربى ”كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين” قرآن كريم (5- 8).
نعم أريد ذلك الإسلام الذى تسموا فيه الروح فوق الأحرف والكلمات كما قال ربى ”وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان نوراً نهدى به من نشاء من عبادنا” قرآن كريم (42 -52).
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يجعل أتباعه ”ربانيين” كما قال ربى ”ولكن كونوا ربانيين” قرآن كريم (3- 79) أي أولائك الذين يرى الناس أعمالهم الحسنه فيقدسوا وجه خالقهم ومبدعهم.
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يجعلنا نُقدس الإبداع فالله تعالى هو "بديع السماوات والأرض" قرآن كريم (2 – 117) ونحترم الفكر المخالف ونرى فيه جمالاً لأهميته فقد قال ربى ”ولوشاء ربك لجعل الناس أُمةً واحده ولايزالون مختلفين” قرآن كريم (11 – 118).
نعم أُريد إسلاماً تزرف أعيُن أتباعه دمعاً حينما يسمعون آيات الله في القرآن والإنجيل والتوراة وتقشعر جلود من آمن بهِ حينما يرون جمال الله في الورود والفراشات وقواقع البحار فالله تعالى كما قال في حديثه القدسي "جميل يحب الجمال.”
نعم صدقوني إني أُؤيد ذلك الإسلام الذى هجره ونسيه الكثيرون كما قال ربى في يوم الدين ”وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا" قرآن كريم (25 – 30).
فإن كانت تلك الصفات والتي تسمح باحترام الفكر والتنوع والاختلاف وتقدس الجمال والأبداع هي مرجعية الإسلام فأهلا وسهلاً بها. وإن كان مفهوم المرجعية عند البعض هي إكراه الناس على شعائر الدين وقمع بناء كنائسهم ومعابدهم وإصدار الأحكام على البشر ، وينعتهم بالكفر والزندقة ، فلا أهلاً ولا سهلاً بتلك المرجعية.
ولكنهم يا دكتور عبد الحميد
لا يريدون لنا "ذلك" الإسلام الذي أنزل الله للناس
بل "إسلام" يستعبدون هم به الناس!