ادعت سجاح بنت الحارث النبوة في أيام مسيلمة الكذاب، وقصدت حربه، فأهدى إليها مالاً واستأمنها، حتى أمنته وأمنها فجاء واستدعاها، وقال لأصحابه: اضربوا لها قبة وجمروها، لعلها تذكره لباه، وفعلوا فلما أتت قالت له: إعرض عليّ ما عندك، فقال لها: إنّي أريد أن أخلو معك حتى نتدارس، فلما خلت معه في القبة، قالت: إقرأ عليّ ما يأتيك به جبرائيل؛ فقال: إسمعي هذه الآية: إنّكن معشر النساء خلقن أفواجاً، وجعلن لنا أزواجاً، نولجه فيكنّ إيلاجاً، ثم نخرجه منكنّ إخراجاً. فقالت: صدقت إنّك نبي مرسل، فقال لها: هل لك في أن أتزوجك فيقال: نبي تزوج نبية؟ فقالت: إفعل ما بدا لك فقال لها:
ألا قومي إلى المخدع ... فقد هبي لك المضجع
فإن شئت فملقاه ... وإن شئت على الأربع
وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع
فقالت، بل به أجمع، فإنّه للشمل أجمع، فضرب بعض ظرفاء العرب لذلك مثلاً وقال: أعلم من سجاح، فأقامت معه ثلاثاً، وخرجت إلى قومها، فقالوا: كيف وجدته؟ فقالت: لقد سألته فوجدت نبوته حقاً، وإنّي قد تزوجته، فقال قومها: ومثلك يتزوج بغير مهر، فقال مسيلمة: مهرها أنّي قد رفعت عنكم صلاة الفجر والعتمة: قال أهل التاريخ: ثم أقامت بعد ذلك مدة في بني تغلب، ثم أسلمت، وحسن إسلامها.